أولا- تأثير الترجمة الجيدة على النص
تؤثر الترجمة الجيدة تأثيرا كبيرا على النص والقارئ المستهدف. عندما تكون الترجمة دقيقة وواضحة، يستطيع القارئ المستهدف فهم المعلومات والمفاهيم على نحو أفضل. ويساعد ذلك في إيصال الرسالة بشكل فعال والتأثير إيجابياً على الجمهور المستهدف.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد الترجمة الجيدة في بناء صورة إيجابية للمؤسسة أو المنتج أو الخدمة في السوق الهدف. وتعكس الترجمة الجيدة احترافية المترجم واهتمامه بالتفاصيل، وبالتالي تعزز سمعته بكونه مترجما محترفا أو سمعة العلامة التجارية وتبني الثقة مع العملاء.
ثانيا- ما أبرز معايير جودة الترجمة؟
يُفترَض أن يسعى المترجم المحترف دومًا إلى تقديم ترجمة محترفة وجيدة للنصوص. لذلك، من المهم أن يراعي مجموعة من المعايير الأساسية التي تضمن ترجمة جيدة وموفَّقة. وفيما يلي أهم المعايير التي يجب أن تنتبه إليها عند العمل على أي مشروع ترجمة.
1) الأمانة والدقة في النقل
تعد الأمانة في النقل من معايير جودة الترجمة، وهذا يعني ضرورة نقل جميع الأفكار والمعلومات بدقة وموثوقية دون إسقاط. تأكد من ترجمة كل مكونات النص، مع الاهتمام بالتفاصيل وعدم تجاهل أي أجزاء مهمة في النص الأصلي. وقد تحتاج إلى استبدال كلمة بأخرى أنسب أو تعديل جزء ما تحقيقًا للهدف من الترجمة أو مراعاةً للجمهور المستهدف. وأما الدقة في نقل المعنى، فتلازم الأمانة في النقل بنقل المعنى الدقيق للنص الأصلي إلى اللغة الهدف. ولتحقيق ذلك، لا بد أولا من فهم المعنى فهمًا صحيحًا للتمكن من ترجمته بدقة ووضوح دون زيادة غير مبررة أو تغيير جذري في المعنى.
اقرأ أيضا: أنواع الأخطاء اللغوية وغير اللغوية في تصحيح الترجمة
2) سلامة الأسلوب من معايير جودة الترجمة
تعد سلامة الأسلوب أحد العوامل المحددة لجودة الترجمة. يجب أن يحدد المترجم أسلوب الكتابة المناسب للجمهور المستهدف ونوع النص. ويجب استعمال الكلمات في محلها الصحيح لتُعطي المعنى المُراد التعبير عنه كما هو الحال في التعابير الاصطلاحية. فالتعبير الاصطلاحي قالب لفظي لا يحدث فيه تغير. وتوجد في اللغة العربية عبارات اصطلاحية كثيرة ينبغي أن ترد كما هي مثل عبارتَي الخطوط العريضة وبيت القصيد. وتتأثر سلامة الأسلوب أيضا بالاستخدام الخاطئ لأدوات الربط سواء باستعمال حرف زائد أو الاستعمال الخاطئ لحروف العطف (مثال: وثم، والصواب: ثم).
ومع أن التكرار يكون مفيدا لتأكيد المعنى وتحقيق غايةٍ جماليةٍ، إلا أنه قد يؤثر في أحيان أخرى على الأسلوب. لذلك، يجب الابتعاد عن الأساليب اللغوية الركيكة أو الصياغات الدارجة غير المناسبة. وفي هذه الحالة، سيكون من الأفضل إزالته مثل تكرار الفعل الواحد عدة مرات كفعل “قال”. فبدلًا من تكرار فعل قال، يُمكن استخدام أفعال أخرى مثل أضاف وذكر وأشار وأوضح وغيرها من الأفعال التي تزخر بها اللغة العربية. وعمومًا، يختلف الأسلوب من مترجمٍ لآخر. ولكن، يحتاج الأسلوب للتغيير إذا كانت الصياغة تُحدث لبسا عند القارئ أو تجعل الفكرة غير واضحة أو عند وجود أخطاء أسلوبية كالمذكورة سابقا.
اقرأ أيضا: تجنب هذه الأخطاء اللغوية الشائعة خلال الكتابة أو الترجمة
3) اختيار المفردات المناسبة
يجب اختيار المفردات المناسبة التي تعبر بدقة عن المعنى في النص الأصلي. ويجب أن تكون المفردات مفهومة وصحيحة وتناسب السياق الذي وردت فيه. ولا تقدم دائما الترجمة الحرفية للمفردات ترجمة جيدة، بل قد تفضي إلى ترجمة غامضة وغير صحيحة، مثل ترجمة power بالطاقة بدل زر التشغيل في سياق ترجمة دليل استخدام الغسالة.
اقرأ أيضا: أخطاء الترجمة الحرفية: أسبابها مع الأمثلة وحلول مقترَحة
4) استعمال المصطلحات الصحيحة
تختلف مقابلات المصطلحات باختلاف نوع النص بما أن لكل مجال متخصص مصطلحاته. لذلك ينبغي اعتماد المصطلحات الخاصة بمجال النص الأصلي في الترجمة. وقد يساعد في ذلك استخدامُ المعاجم المتخصصة والإحاطة بمجال النص. ولا يتوقف الأمر عند اختيار المقابل الصحيح، بل يجب توحيده في النص بأكمله وعدم ترجمته بمقابلات مختلفة في النص الواحد.
اقرأ أيضا: كيف أبحث عن ترجمة المصطلح؟
5) التقيد بقواعد النحو والإملاء
يجب أن تتم الترجمة وفقًا لقواعد النحو والإملاء الصحيحة في اللغة الهدف. لذلك، لا بد من الإحاطة أولا بتلك القواعد لتجنب الوقوع في الأخطاء اللغوية مثل تذكير ما وجب تأنيثه أو العكس وكتابة حروف الكلمة كتابة خاطئة. وتتمثل أهمية علم النحو في دوره في إيضاح المعنى وتركيب الجمل.
اقرأ أيضا: أنواع الأخطاء في اللغة العربية التي يقع فيها المترجم
6) توخي الفصاحة
تعني الفصاحة استعمال كلمات ظاهرة المعنى ومألوفة وواضحة وخلوها من التعقيد اللفظي والمعنوي. وهذا يعني عدم اختيار المفردة التي أضحت غريبة -مع أنها صحيحة- ولم تعد تُستخدم في الكتابات المعاصرة إلى درجة عدم وضوح معناها للقارئ. ومثال الكلمة غير ظاهرة المعنى والغريبة لفظ تكأكأ بمعنى اجتمع1. وتعني الفصاحة أيضا الامتثال لقواعد اللغة وتجنب كثرة التكرار وتتابع الإضافات. وهو ما يندرج أيضا في إطار التقيد بالقواعد اللغوية وسلامة الأسلوب المشار إليهما أعلاه.
اقرأ أيضا: أخطاء لغوية شائعة وتصحيحها مع التعليل
7) استخدام علامات الترقيم المناسبة
يجب استخدام علامات الترقيم المناسبة في الترجمة لتضمن وضوح المعنى وصحته. وبما أن علامات الترقيم تؤثر في معنى الجملة، ينبغي نقل ذلك المعنى في الترجمة إما باستعمال علامات الترقيم ذاتها أو ما يقابلها في اللغة المنقول إليها. ويتعين في كثير من الأحيان إظهار المعاني المضمرة لتلك العلامات بإضافة عبارة شارحة. فعلى سبيل المثال، ينبغي أن تُستبدل الفاصلة في بعض المواضع بواو العطف، بينما ينبغي أحيانا أن ترافق الروابط علامات الترقيم لتتضح العلاقة بين الجملتين.
اقرأ أيضا: كيف تترجم علامات الترقيم؟
8) ترابط الجمل من معايير جودة الترجمة
للحصول على ترجمة جيدة، يجب أن يكون هناك تكامل في المعاني وترابط بين الجمل. يعني هذا أن الترجمة يجب أن تكون سلسة ومفهومة ومنسجمة من حيث المعنى والمبنى. وهنا تظهر أهمية أدوات الربط التي قد يحتاج المترجم إلى إضافتها في اللغة العربية رغم غيابها عن المقطع الأصلي نظرا لاختلاف طبيعة اللغتين.
اقرأ أيضا: فروق لغوية: لا تخلط بين هذه الكلمات في الترجمة
وفي الختام، يستوفي النص معايير جودة الترجمة حينما ينقل المترجم المعاني بكل أمانة ودقة، ويستخدم أسلوبا سلسا وسليما خاليا من الأخطاء اللغوية، ويختار المفردات المناسبة للسياق والمصطلحات الخاصة بمجال النص، ويتوخى الفصاحة باستخدام مفردات واضحة المعنى، ويحرص على ترابط الجمل باستخدام أيضا علامات الترقيم المناسبة. وتمكّن جودة الترجمة من بناء الثقة مع العملاء وتقديم صورة إيجابية عن الخدمة المقدَّمة.