تحديات الترجمة

تحديات الترجمة وطرق التغلب عليها


تتعدد تحديات الترجمة التي يواجهها المترجم في عمله وتتجاوز الجانب اللغوي والثقافي المرتبط بعملية الترجمة. وتشمل التحديات الأخرى التغير المستمر لتكنولوجيا الترجمة والتنافس المحتدم بين المترجمين للفوز بمشاريع الترجمة وضيق الوقت المتاح للترجمة في المشاريع المستعجلة. ويعرض هذا المقال أبرز تحديات الترجمة والصعوبات التي يواجهها المترجم، ونصائح للتغلب عليها.

أولا- أبرز 6 تحديات يواجهها المترجم في الترجمة

1) تحديات الترجمة الناجمة عن الاختلافات اللغوية

الكلمات والمصطلحات: قد يكون من الصعب إيجاد الكلمات المناسبة لنقل المعنى الأصلي بدقة والمكافئ الدقيق لكل كلمة أو مصطلح في اللغة الهدف. ويحتاج المترجم أحيانًا إلى استخدام تقنيات مثل التوضيح أو الشرح لنقل المعنى بشكل صحيح.

تعدد المعاني حسب السياق: لا يكفي استخدام المعجم لإيجاد المقابل المناسب. ولكن يحتاج المترجم لاستحضار السياق لاختيار المقابل الأنسب. ويصعب تحقيق الدقة في الترجمة عند غياب السياق.

القواعد النحوية والصرفية: تختلف قواعد النحو والصرف بين اللغات، وهو ما ينبغي مراعاته عند الانتقال من لغة إلى أخرى. ويجب ألا يُسقط المترجم قواعد اللغة المنقول منها على النص المُترجَم، إذ يمكن أن يؤدي إلى صعوبات في ترجمة الجمل وأزمنة الأفعال ترجمة صحيحة. ولذلك، قد يحتاج المترجم إلى مراجعة قواعد اللغة الهدف تفاديًا للوقوع في الأخطاء النحوية.

2) تحديات الترجمة الناجمة عن الاختلافات الثقافية

التعابير الثقافية: تحتوي كل ثقافة على تعابير وأساليب تواصل فريدة من نوعها. وقد يكون من الصعب ترجمة هذه التعابير ترجمة دقيقة لأنها قد لا تكون موجودة في اللغة الهدف. وإضافةً إلى ذلك، تختلف المفاهيم بين البلدان والثقافات المختلفة. وهو ما يتطلب فهماً عميقاً للثقافة والتعابير في كلتا اللغتين. ونظرا لذلك الاختلاف في الثقافات، نجد كلمات لا تقبل الترجمة في لغات مختلفة.

القيم والمعتقدات: تختلف القيم والمعتقدات بين الثقافات، وهذا يؤثر على ترجمة المفاهيم والأفكار بشكل صحيح. قد يتطلب ذلك فهمًا عميقًا للثقافة المستهدفة لتحقيق ترجمة مقبولة لا تتعارض مع قيم القارئ المستهدَف. وهو ما يستدعي أحيانا استخدام تقنية التكييف.

العوامل الاجتماعية والسياسية: قد تؤثر العوامل الاجتماعية والسياسية على ترجمة المحتوى، حيث يمكن أن تُفرض قيود أو تعديلات على الترجمة بناءً على السياق الثقافي والسياسي للغة الهدف.

3) تحديات الترجمة الناجمة عن استخدام التكنولوجيا والأدوات المساعدة

التعقيدات التقنية مثل مشكلات البرمجيات: يواجه المترجمون تحديات في استخدام الأدوات التقنية لأنها لا تدخل في صلب تخصصهم. ومع ذلك، يجب أن يوفر المترجم المستقل الحماية اللازمة لعمله ووثائق عملائه. ويتعين عليه أن يلم بالمخاطر التي تهدد حاسوبه ويحميه باستخدام الأدوات والبرمجيات المتاحة.

تراجع الجودة عند استخدام أدوات الترجمة الآلية: قد تفتقر الترجمة للجودة عند استخدام أدوات الترجمة الآلية دون تنقيح، حيث لا يمكن للبرامج أن تفهم بالضبط سياق النص والمعاني الضمنية. ومع أن الترجمة الآلية تساعد على الترجمة في وقت وجيز، إلا أن المترجم يحتاج أيضا إلى أخذ موافقة العميل قبل استخدامها عند الضرورة في سياق اتفاقية عدم الإفصاح.

تغير تكنولوجيا الترجمة وتطورها السريع: تشهد صناعة الترجمة تغيرًا سريعًا في التكنولوجيا المستخدمة وبخاصة برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب. وقد يكون من التحديات التقنية مواكبة هذا التغير وتعلم استخدام الأدوات والتقنيات الجديدة. ويتطلب ذلك تحديث مهارات المترجم وتدريبه المستمر.

4) تحديات الترجمة المرتبطة بموعد التسليم

ضيق الوقت يؤثر سلبا على جودة الترجمة: يعد ضغط الوقت أحد أكبر التحديات التي يواجهها المترجم. وغالبًا ما يكون لدى المترجمين العديد من المشروعات والمهمات المستعجلة، وهذا يزيد من ضغط الوقت عليهم وقد يؤثر على جودة الترجمة. وعندما يكون هناك ضغط كبير لإنهاء ترجمة معينة في وقت قصير، فإن المترجم قد يشعر بالإجهاد والضغط، مما قد يؤدي إلى ارتكاب أخطاء في الترجمة أو إهمال بعض التفاصيل الهامة. ولذلك، يجب أن يكون المترجم قادرًا على العمل بسرعة وفعالية لإنجاز المهمة المطلوبة في الوقت المحدد.

للتغلب على تحديات ضغط الوقت في الترجمة، يجب على المترجمين تنظيم وقتهم بشكل جيد واستخدام استراتيجيات فعالة لزيادة الإنتاجية والجودة. يمكن أن تشمل هذه الاستراتيجيات تحديد أولويات العمل، وتقسيم المهام إلى مهام صغيرة قابلة للإدارة، واستخدام أدوات الترجمة المساعدة لتسريع عملية الترجمة. وبالاستعداد المسبق والتخطيط الجيد، يمكن للمترجمين التغلب على تحديات ضغط الوقت في الترجمة وتقديم عمل ذي جودة عالية في المواعيد المحددة.

5) التنافسية في مجال الترجمة

يوجد الكثير من المترجمين المستقلين في السوق، مما يزيد من التنافسية ويجعل من الصعب الحصول على فرص عمل. ففي ظل وجود العديد من المترجمين، يصبح من الصعب إبراز حضورك والتفوق على الآخرين. ومع ذلك، يمكنك تحقيق النجاح في هذا المجال عندما تنظر إلى تحديات التنافس كفرصة للتطور وليس عقبة ومن خلال بعض الإرشادات البسيطة التالية:

أولاً، من الضروري أن تتمتع بالمهارات اللغوية اللازمة. ويجب عليك أن تتقن لغاتك وأن تفهم بشكل عميق قواعد اللغة والثقافات التي تترجم منها وإليها. ثانياً، يجب أن تكون مهتماً بالتفاصيل لأن الدقة أمر حاسم في الترجمة وقد يؤدي أدنى خطأ إلى فهم خاطئ للنص. ثالثاً، ينبغي أن تكون ملماً بمجالات مختلفة وقادراً على الترجمة في مواضيع مختلفة. فقد تحتاج أثناء الترجمة إلى الإحاطة بمجالات متنوعة أخرى مثل القانون والتكنولوجيا. وأخيراً، عليك أن تبني شبكة علاقات مهنية قوية، وتتواصل مع مترجمين آخرين والعملاء المحتملين، وتحرص على تحسين مهاراتك.

6) تحديات الترجمة المتخصصة

تطرح الترجمة المتخصصة تحديات خاصة مرتبطة بالصعوبات المعرفية والمصطلحية في ذلك المجال المتخصص. وسنقتصر هنا على الصعوبات المرتبطة بالمجال الأدبي والطبي والقانوني.

أ) صعوبات ترجمة المؤلفات الأدبية والشعرية

الأدب والشعر ليسا مجرد كلمات، بل هما تعابير فنية تحمل في طياتها مشاعر وأفكار عميقة. ولذلك، يجب على المترجم أن يكون قادرًا على نقل هذه العواطف والأفكار بدقة وإحساس. وتعتبر الترجمة الأدبية والشعرية تحديًا للمترجم بسبب الخصوصية اللغوية والثقافية للنص الأصلي. فكثيرًا ما يستخدم الكتاب تقنيات خاصة مثل المجاز والتشبيه والإيقاع في كتاباتهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون المترجم قادرًا على فهم السياق الثقافي والتاريخي للنص الأصلي لكي ينقله بشكل صحيح.

ويعد الحفاظ على الجمالية والروح الفنية للنص الأصلي من أكبر التحديات في الترجمة الأدبية والشعرية. يجب على المترجم أن يكون قادرًا على اختيار الكلمات والتعابير المناسبة التي تعبر عن المشاعر والأفكار بشكل دقيق وجميل في اللغة الهدف. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتعامل المترجم مع التحديات التقنية مثل ترجمة الأبيات الشعرية والأساليب المستخدمة في توزيع الكلمات والأصوات. ويتطلب ذلك مهارات فائقة في التفسير والإبداع لضمان أن يستمتع القارئ بالشعر أو الأدب بالقدر نفسه في لغته.

ب) صعوبات ترجمة المستندات القانونية والطبية

هناك تحديات خاصة يجب التغلب عليها في الترجمة القانونية والطبية. ويمكن لأدق التفاصيل في هذا النوع من الترجمات أن تؤثر على معاني المستندات وتسبب مشكلات قانونية أو طبية.

في الترجمة القانونية، يجب أن يكون المترجم على دراية بالمفاهيم القانونية واللغة القانونية المستخدمة في البلدين المعنيين. وقد يكون هناك اختلافات كبيرة في المصطلحات والأساليب القانونية بين الثقافات المختلفة. لذا، يجب على المترجم أن يكون دقيقًا للغاية في ترجمة المستندات القانونية لضمان صحة المعلومات وفهمها الصحيح.

أما في الترجمة الطبية، فإن التحدي يكمن في ترجمة المصطلحات الطبية المعقدة والتفاصيل الدقيقة. ويجب على المترجم أن يكون ملمًا بالمصطلحات الطبية والأساليب الطبية المستخدمة. ويمكن أن تؤدي أخطاء الترجمة الطبية إلى تداعيات جسيمة، بما في ذلك خطأ في التشخيص أو سوء الفهم بين الأطباء والمرضى. لهذا السبب، يعد التخصص في هذا المجال والاستعانة بمترجمين محترفين وذوي خبرة في الترجمة القانونية والطبية ضروريًا لضمان دقة المستندات المترجمة وصحتها.

ثانيا- استراتيجيات ونصائح للتغلب على تحديات الترجمة

قد تساعد هذه الاستراتيجيات والنصائح في التغلب على التحديات المتعلقة بالترجمة وتقديم ترجمة عالية الجودة:

  1. إجادة اللغة وفهم الثقافة: من المهم فهم الثقافة المتصلة باللغة المستهدفة والمعرفة الجيدة بالعادات والتقاليد والقيم الثقافية للجمهور المستهدف.

  2. استخدام الأدوات المساعدة: هناك العديد من الأدوات المساعدة في عملية الترجمة مثل المعاجم المتخصصة وبرامج الترجمة الآلية والأدوات المساعدة على الترجمة. لا بد من استخدام هذه الأدوات لتحسين دقة الترجمة وزيادة الكفاءة.

  3. التدقيق والمراجعة: من المهم أن تتم عملية التدقيق والمراجعة بعناية لضمان جودة الترجمة. ويمكن الاستعانة بمترجمين آخرين في خدمات المراجعة لضمان عدم وجود أخطاء أو ترجمات غير دقيقة.

  4. التحديث المستمر: يجب أن يكون لديك الاستعداد للتعلم والتحسين المستمر في مجال الترجمة. يمكن أن تساعدك دراسة اللغات الجديدة والتواصل مع المتخصصين في المجال على تطوير مهارات الترجمة.

  5. فهم احتياجات العميل: قبل البدء في الترجمة، يجب فهم احتياجات العميل والغرض من الترجمة. هذا سيساعد في توفير ترجمة دقيقة ومُرضية.

ثالثا- تطورات المجال في المستقبل

على الرغم من هذه التحديات، هناك تطورات مستقبلية يمكن أن تؤثر إيجابيًا على المجال، مثل:

  • استخدام تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في عملية الترجمة، مما سيُعين المترجم على الإسراع في الترجمة.
  • زيادة الطلب على خدمات الترجمة التخصصية في المجالات المتقدمة مثل التكنولوجيا والطب والقانون.
  • فرص عمل متجددة في السوق العالمية بفضل توسع وسائل الاتصال والعولمة.

وفي الختام، فإن المترجم، كباقي أصحاب المهن الأخرى، يواجه مجموعة من التحديات من أبرزها الاختلافات اللغوية والثقافية وضغط الوقت وتطور التكنولوجيا المستمر وصعوبات الترجمات المتخصصة مثل الترجمة الأدبية والطبية. ولكن المترجم قادر على تجاوز تلك الصعوبات -في ظل وجود حاجة لخدمات المترجم- بتطوير مهاراته اللغوية باستمرار والاطلاع الدائم على أحدث التقنيات المساعدة على الترجمة وفهم احتياجات العميل والعمل على تلبيتها.

اقرأ أيضا: الترجمة الصحفية: تحدياتها والمهارات المطلوبة والأخطاء المرتكبة


اترك تعليقاً