تقنية النسخ في الترجمة

تقنية النسخ في الترجمة: تعريفها وأهميتها وأنواعها مع الأمثلة


تقنية النسخ (Calque) في الترجمة هي اقتراض من نوع خاص حيث نقترض اسما مركبا ونترجم عناصره حرفيا، مثل ترجمة “حطّم الرقم القياسي” لعبارة break a record. فهي عملية استعارةِ عبارةٍ أو تعبيرٍ من لغة ثم ترجمتها إلى لغة أخرى مع الحفاظ على البنية الأصلية للعبارة. وغالبًا ما تستخدم هذه التقنية للحفاظ على المعنى ذاته ودلالة العبارة الأصلية. وتحدث على مستوى العبارات باستنساخ المعنى ونقل معاني الكلمات بشكل مباشر. وقد يُترجم الاسم المركب بشكل متصل أو منفصل إلى كلمة واحدة في اللغة العربية كما سيتضح من الأمثلة أدناه.

ويلجأ المترجم في تقنية النسخ إلى أساليب في التعبير غير أصلية بل مستقاة من لغات أخرى بإنشاء كلمة جديدة مع الحفاظ على البنية اللغوية للغة المصدر. وباستخدام تقنية النسخ في الترجمة، يحافظ المترجم على المعنى الحرفي للعبارة الأصلية. وتُستخدم هذه التقنية بشكل شائع لترجمةِ الكلمات والعبارات ذات المعاني المتخصصة التي لا يمكن ترجمتها بسهولة إلى لغة أخرى ترجمةً دقيقةً.

أولا- لماذا تُستخدم تقنية النسخ؟ وما أهميتها؟

يعد النسخ (Calque) أداة مهمة للمترجمين لأنه يساعدهم في التعبير عن تجربة بشرية قد يتشاركها كل البشر وتتجاوز حدود اللغة. وتظهر الحاجة إلى هذه التقنية حينما يود المترجم الحفاظ على معاني الكلمات والعبارات بكل دقة. وفي بعض الحالات، يمكن استخدام هذه التقنية لإنشاء عبارة جديدة تمامًا في اللغة الهدف والتي تنقل المعنى ذاته في النص المصدر. وبذلك تُسهم في إغناء اللغة المنقول إليها.

1) الحفاظ على المعنى

تقنية النسخ طريقةٌ لنقل تعبير من لغة إلى أخرى مع الحفاظ على معناه وبنيته. فالهدف الرئيسي منها هو ضمان الحفاظ على المعنى الأصلي عند ترجمة الكلمات والعبارات من لغة إلى أخرى. وتساعد في نقل المعنى الحرفي للعبارات أو الكلمات حينما لا تحتوي اللغة المنقول إليها على المفاهيم المُراد ترجمتها. وعليه، تسمح تقنية النسخ للمترجم بالبقاء مخلصًا لمعاني النص الأصلي ونقل المعنى الأصلي للكلمات والعبارات بأمانة من لغة إلى أخرى.

2) نقل المعنى بدقة

يستخدم المترجمون هذه التقنية لضمان نقل المعنى الأصلي للنص بدقة في النسخة المترجمة. وعندما يكون المترجم مخلصا لمعاني النص الأصلي، فإنه يقدّم ترجمةً دقيقةً بلغة مختلفة. ولذلك، تساعد هذه التقنية في الحفاظ على نفس المستوى من الدقة مع ضمان ترجمة صادقة للرسالة الأصلية. 

3) إغناء المعجم العربي

هذا يحدث بشكل خاص في المجالات التقنية. فتقنية النسخ تسهم في زيادة معدل المصطلحات في اللغة العربية المعاصرة. وتمكّن من التعبير عن مفاهيم جديدة وملء الفراغ الحاصل في اللغة المنقول إليها بسبب غياب تلك المفاهيم. فهي تسمح بالتعبير عن معاني اللغة المنقول منها باستخدام عناصر وكلمات اللغة المنقول إليها.

ثانيا- أنواع النسخ

قُسّم النسخ بين اللغات اللاتينية إلى أربعة أنواع: البنيوي والمطبعي والإملائي والتجانس. وفي المقابل، حدد الدكتور عبد الصاحب مهدي علي، أستاذ مادة اللسانيات والترجمة في جامعة الشارقة، سبعة أنواع من النسخ  (أو ما أسماه أيضا استراتيجيات النسخ) بناءً على دراسة مصطلحية أجراها على مصادر باللغة العربية الفصحى، وهي كالآتي:

1) النسخ الكامل (كلمة بكلمة):

وهو الترجمة المباشرة للتعابير المجازية والاصطلاحية دون تعديل الكلمات المستخدمة في الأصل. وتُفضي هذه الترجمة إلى نقل تلك التعابير بمعناها غير الحرفي. ويقسّم الكاتب هذا النوع من النسخ بدوره إلى نسخ اسمي وفعلي وحرفي. وتُترجَم مكونات هذه الأنواع الفرعية من النسخ ترجمةً حرفيةً على غرار الأمثلة التالية:

    • النسخ الاسمي: population explosion > انفجار سكاني 

                                                 money laundering > غسل الأموال

    • النسخ الفعلي: shed light on > يلقي الضوء على

                                kill the time > يقتل الوقت (بمعنى إضاعة الوقت في ما لا ينفع)

    • النسخ الحرفي: behind closed doors > خلف أبواب مغلقة

                                                      on the ground > على الأرض

2) النسخ الجزئي:

هو التعديل الجزئي للعبارة الأصلية عند ترجمتها.

مثال:

Skyscraper > ناطحة السحاب (بدل ناطحة السماء في حال اعتماد النسخ الكامل)؛

Brain drain >هجرة الأدمغة (بدل استنزاف الأدمغة في النسخ الكامل)؛

Warm welcome > ترحيب حار (بدل ترحيب دافئ في النسخ الكامل)؛

3) النسخ الدلالي:

هو استخدام مقابلٍ في الترجمة لينقل معنى جديدا لم يكن يعنيه من قبل.

مثال:

a (railroad) train >قطار

(قطار كلمةٌ عربيةٌ قديمةٌ أصبحت مقابلا لكلمة train بعدما كانت تعني قديمًا قافلة الإبل)؛

Offside > تسلل

(يحيل “التسلل” على أحد أخطاء كرة القدم في مجال الرياضة بعدما استُخدم في اللغة العربية ليحيل على العبور في تخفٍّ)؛

mouse >فأرة

(تحيل كلمة فأرة في المجال التقني على جهاز متصل بالحاسوب بعدما أُطلقت على حيوان قارض).

4) النسخ القائم على الاشتقاق:

أي توليد كلمات أو تعبيرات جديدة نتيجة التأثر بالمصطلحات الأجنبية. فبدل اقتراض المصطلح الأجنبي اقتراضا كاملا أو جزئيا، تستخدم اللغة العربية قواعدها الخاصة لابتكار كلمة جديدة تحمل معنى المفهوم الأجنبي من خلال الاشتقاق. وتعتمد صيغة الكلمة الجديدة على البنية الصرفية للغة المنقول إليها. فقد يُترجم الاسم المركب بشكل متصل أو منفصل إلى كلمة واحدة بعد الاشتقاق في اللغة العربية.

مثال:

privatization > خصخصة

globalization > عولمة

space channel > فضائية

5) النسخ المركب:

هو جمع كلمتين منفصلتين أو أكثر لإنتاج عبارة واحدة تكون ترجمةً لكلمة مركبة بشكل منفصل أو متصل. ومع أنها قد تكون متصلة، فإنها تكتَب في العربية عند الترجمة بشكل منفصل نظرا إلى طبيعة اللغة العربية.

مثال :

antibodies > أجسام مضادة

spy plane >طائرة تجسس

mass destruction weapons >أسلحة الدمار الشامل

6) النسخ الهجين:

هو نقحرة أحد أجزاء الاسم المركب عند ترجمته إلى اللغة المنقول إليها. ويرجع السبب في تلك النقحرة إلى أن ذلك الجزء من الاسم المركب يكون غير قابل للترجمة (لأنه اسم علم مثلا) أو لا يمكن استبداله بعدُ بعناصر من اللغة المنقول إليها أو يُستخدم بالفعل لمدة طويلة في اللغة المنقول إليها.

مثال:

Richter scale > مقياس رختر

Internet café > مقهى الإنترنت

Diplomatic corps > الهيئة الدبلوماسية

7) نسخ المختصرات:

تختزل الأسماءُ المختصرةُ العبارات أو العناوين المطولة أو المكونة من عدة كلمات مثل اليونسكو وأوبك. وتُسهم في تكوين كلمة جديدة اعتمادا على كلمات متعدّدة. وقد تُترجَم تلك الأسماء المختصرة مع الاسم الكامل الذي تحيل عليه.

مثال:

NATO: North Atlantic Treaty Organization >الناتو: منظمة حلف شمال الأطلسي

AIDS: Acquired Immune Deficiency Syndrome > الأيدز: مرض نقص المناعة المكتسب

SAM: surface-to-air missile > سام: صاروخ أرض-جو

وفي الختام، فإن تقنية النسخ إحدى تقنيات الترجمة السبع المهمة في نقل المعنى بدقة وأمانة. ويعد أحد الحلول المتوفرة للمترجم عند تعامله مع الأسماء المركبة. وهو ما يسهم أيضا في إغناء المعجم العربي.

اقرأ أيضا: أساليب الترجمة: تعريفها وأمثلة توضيحية


اترك تعليقاً