قلة النوم وتأثيرها على صحة المترجِم المستقِلّ

كيف تؤثِّر قلة النوم سلباً على صحة المترجِم المستقِلّ؟


يَبذل المترجِم المستقِلّ جهده لإخراج العمل في أَفضل صورة ممكِنة. وقد يضحّي بوقت راحَته ويقتطع من وقته المخصص للنوم في سبيل إنجاز المطلوب منه على أكمل وجه. وقد يجعله العمل من منزله يخلط بين أوقات العمل والراحة. ونتيجةً لذلك، تتأثر صحّته على المدى المتوسط أو البعيد بسبب قلة النوم.

أولا- مراحل النوم الصحي

تقسم مراحل النوم إلى أربع مراحل، تعرَف الثلاث الأولى منها بمراحل “حركة العين غير السريعة” (NREM)، بينما تدعى الأخيرة باسم “حركة العين السريعة” (REM):

1- المرحلة الأولى من NREM: تَستغرق عدّة دقائق وتشير إلى الانتقال بين اليقظة والنوم. ويكون فيها النوم خفيفا، حيث تسترخي العضلات وينخفض نشاط موجات الدماغ. وبالإضافة إلى ذلك، يَبدأ معدّل ضربات القلب والتنفُّس وحركات العين بالتباطؤ.

2- المرحلة الثانية من NREM: عادةً ما تكون الأطول بين مراحل النوم الصحي الأربع، وتتميّز بنومٍ أعمق، حيث يستمر معدّل ضربات القلب والتنفُّس بالتباطؤ. وتصبِح العضلات أكثر استرخاءً. وتتوقَّف أيضًا حركات العين، وتنخفض درجة حرارة الجسم. وعلى الرغم من وجود بعض النشاط العصبي على جهاز التخطيط، إلا أن موجات الدماغ تبقى بطيئةً.

3- المرحلة الثالثة من NREM: تقوم بدورٍ مهمٍّ في جعلك تشعر بالانتعاش واليقظة في اليوم التالي، وذلك لأن ضربات القلب، ومعدّل التنفس، ونشاط الموجات الدماغية يَصل إلى أدنى مستوياته. وتكون العضلات أيضا مسترخيةً تمامًا.

4- مرحلة حركة العين السريعة REM: تحدُث بعد حوالي 90 دقيقة من النوم، وتَتحرّك فيها العينان بسرعة كبيرة تحت الأجفان. كما يَبدأ معدّل التنفُّس وضربات القلب وضغط الدم بالارتفاع. وتحدُث الأحلام عادةً خلال هذه المرحلة، وتَترافق مع شلل الذراعين والساقين لحمايتك من التصرّف جسديا أثناء رؤيتك للحلم.

وتتكرّر مراحل النوم الصحي بشكلٍ دوريٍّ طوال الليل إلى أن تَستيقظ، وتستغرق حوالي 90 حتى 120 دقيقة. وتُشكّل مراحل حركة العين غير السريعة NREM حوالي 75% إلى 80% منها.

ثانيا- فوائد النوم

فوائد النوم كثيرة ومتنوّعة، بحيث تَشمل جميع النقاط الآتية:

– تعزيز الأداء الرياضي: في دراسةٍ أجرٍيَت على لاعبي كرة السلّة، تبيّن أنّ النوم العميق يحسِّن بشكلٍ كبيرٍ السرعة والدقّة وردود الفِعل والصحّة العقلية.

– تحسين القدرة على التفاعل الاجتماعي: يحتاج الدماغ إلى الراحة حتّى يَستطيع معالَجة المعلومات العاطفية بكفاءة، وفهم الإشارات الاجتماعية المُهمّة.

– تحسُّن التركيز والإنتاجية: إحدى فوائد النوم هي أنه مهمٌّ لجوانب مختلفة من وظائف الدماغ، بما في ذلك الإدراك والإبداع واتخاذ القرارات. وثَبت أنه يحسّن مهارات حلّ المشكِلات، ويعزِّز أداء الذاكرة.

– انخفاض الوزن: يَميل الأشخاص الذين يحصلون على قسطٍ كافٍ من النوم إلى تناول سعرات حرارية أقل. ووجدت دراسة واسعة النطاق أن البالغين الذين يعانون من قلة النوم أكثر عُرضة للإصابة بالسمنة بنسبة 55%.

– تعزيز وظائف المناعة: يقلّل النوم العميق حدوث الأمراض بشكلٍ عامٍّ، ويقي من تطوُّر الالتهابات، ويحمي الخلايا من التخرُّب. لذلك، إذا كنت تصاب بنزلات البرد بشكلٍ متكرّرٍ، فتأكد من حصولك على 8 ساعات من النوم العميق على الأقل كل ليلة.

– تقليل احتمال حدوث الأمراض المزمِنة: يؤثِّر النوم على استقلاب السكّر وخطر الإصابة بداء السكّري من النوع الثاني. ففي دراسة أُجريت على شباب أصحّاء، تسبّب الحصول على 4 ساعات من النوم كل ليلة لمدّة 6 أيام متتالية في ظهور أعراض السكّري، إلا أنها اختفت بعد أسبوعٍ واحدٍ من زيادة مدّة النوم.

ثالثا- ما هي أضرار السهر؟

تؤثّر قلة النوم على جميع الأجهزة التالية:

1- أضرار السهر على الجهاز العصبي

تؤدي قلة النوم إلى إرهاق الدماغ، وتراجُع قدرته على معالَجة المعلومات. وبالتالي، يَضعف التركيز، ويقلّ تنسيق المهام بين الأعضاء المختلفة، وتتباطأ سرعة نقل التنبيهات من البيئة المحيطة. ولكن يبقى الخطر الأكبر هو النعاس الشديد الذي قد يصل إلى درجة النوم في أوقات وأماكن غير مناسبة، كأن يغفو الشخص أثناء قيادة السيارة، ممّا يعرّض حياته وحياة الآخرين للخَطَر.

2- أضرار قلة النوع على الجهاز المناعي

أثناء النوم، ينتِج الجسم مواد مقاوِمة للعدوى مثل الأجسام المضادّة والسيتوكينات التي تفيد في مكافحة الأمراض الجرثومية والفيروسية. لذلك، يؤدي النعاس وقلة النوم إلى انخفاض كفاءة الدفاعات الطبيعية، وزيادة مدّة التعافي. وعلاوة على ذلك، يرتفع خطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة، مثل داء السكري وأمراض القلب.

3- أضرار السهر على الجهاز الهضمي

تعَدّ قلة النوم عامل خطر لزيادة الوزن والبدانة، كونها تؤثّر على مستويات هرمونَي اللبتين والجريلين اللذين يتحكّمان في الشعور بالجوع والامتلاء. وهو ما يفسّر زيادة الرغبة في تناول المأكولات الخفيفة مساءً، أو الحصول على وجبة دسمة في وقت متأخّرٍ من الليل. ويزيد مقاومة الجسم للأنسولين، وبالتالي فإنه يؤدي إلى الإصابة بالسكري.

4- أضرار قلة النوم على الجهاز العضلي

يمكن أن تسبب قلة النوم التعب الشديد عند ممارسة الرياضة، مما يدفعك إلى تقليل النشاط البدني. وبمرور الوقت، يتراجع حرق السعرات الحرارية، وتتدهور الكتلة العضلية، ويحل النسيج الشحمي مكانها.

5- أضرار قلة النوم على الجهاز القلبي الوعائي

يؤثر النوم على ضغط الدم ومستويات الالتهاب. ويؤدّي دورا حيويا في قدرة الجسم على ترميم الأوعية والنسج المتضرّرة. لذلك، يتعرض الأشخاص الذين لا ينالون كفايتهم من الراحة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

6- تأثير قلة النوم على الصحة النفسية

يؤثر النعاس وقلة النوم أيضا على القدرات العقلية والحالة العاطفية، مما يجعل الشخص عُرضة للتقلبات المزاجية. وإذا استمر ذلك لفترة طويلة، فقد يبدأ الفرد بالهلوسة، أي رؤية أو سماع أشياء غير موجودة. ويمكن أن يؤدي أيضا إلى القلق أو الاكتئاب أو السلوك المندفع أو حتى ظهور أفكار انتحارية.

كلمة أخيرة

في النهاية، لا بد للمترجم المستقل من الحصول على قدرٍ كافٍ من الراحة والنوم لتجنُّب العديد من المشاكل الصحية المذكورة والحفاظ على جودة العمل المقدّم.

مصدر الصورة: Pexel

المصادر

healthline

Sleep Foundation

Why Good Sleep Is Important


اترك تعليقاً