الضغط النفسي

5 أسباب للضغط النفسي الذي يواجهه المترجم المستقل واقتراحات لتجاوزه


يتعرض المترجم المستقل أو المستقل عموما للتوتر أو الضغط النفسي بسبب مجموعة من العوامل المرتبطة بعمله. والضغط النفسي هو رد فعل الجسم إزاء دخوله بيئة متغيرة وصعبة. ويحدث عندما نرى أن التحديات التي نواجهها في تلك البيئة تتجاوز قدرتنا على التكيف،1 وعندما نشعر بأننا لا نملك الموارد اللازمة لإدارة تلك التحديات. ولذلك تختلف القدرة على تحمل الضغط النفسي من شخص لآخر.2

وتؤثر الضغوط النفسية تأثيرا سلبيا على صحة الجسم والدماغ بشكل خاص. وهو ما يُترجَم إلى شعورٍ بالتعب والإجهاد وصعوبةٍ في التركيز وضعف الذاكرة واضطرابات في النوم وعصبية زائدة.3 وبالتالي، قد يصبح المترجم شاردا لفترات طويلة ويستغرق وقتا أطول في إنجاز عمله ومهامه المختلفة.

وعندما تُعرف أسباب التوتر والضغط النفسي، يمكن الابتعاد عنها وتفاديها. ويُعد هذا الضغط النفسي نتيجة تعاملنا مع ظروف العمل وواقعنا المهني وليس نتيجة العمل في حد ذاته. ولذلك يمكن أن يساعدنا تغيير طريقة تعاملنا مع ظروف عملنا على التحكم في تلك الضغوط. وإذا لم ينتبه المترجم المستقل لمصادر الضغط النفسي مبكرا، قد يتفاقم الوضع ويؤدي إلى مشاكل صحية أكبر. وقد لا يلاحظ تأثيرها حتى تدفعه إلى زيارة الطبيب.

أولا- الضغط النفسي الإيجابي

لا نتحدث هنا عن ذلك الضغط الإيجابي الذي يدفعنا إلى تحدي أنفسنا ويساعدنا على تجاوز مخاوفنا وتحقيق إنجاز ما مثل التحدث أمام الجمهور. ويكون هذا التوتر الإيجابي أيضا استجابة من الجسم لمواجهة مشكلة مهددة للحياة خلال فترة زمنية قصيرة.4 

وأما ذلك الضغط السلبي، فهو الذي لا يستطيع الجسم معه العودة إلى حالته الطبيعية وهي الاسترخاء. ويشكل التعرض لهذا الضغط لفترات طويلة خطرا على الصحة.

ثانيا- أسباب الضغط النفسي الذي يواجهه المترجم المستقل والحلول المقترحة:

وفيما يلي 5 أسباب وراء الضغط النفسي الذي يعاني منه المترجم المستقل وبعض الحلول المقترحة لمواجهتها:

1- البحث الدائم عن عملاء:

أجرى موقع فايكنغ دراسة استقصائية شملت مئات المستقلين للكشف عن نمط حياتهم وتأثيره على توازن حياتهم وصحتهم. وتشير الدراسة إلى أن 62 في المئة من المستقلين المستجوَبين يشعرون بالضغط نتيجة عملهم. وينتج ذلك الضغط عن البحث الدائم عن مصادر للدخل وعملاء جدد. فعندما لا يكون هناك ما يكفي من العمل، يشعر المترجم أيضا بالضغط لأنه مطالب بتغطية مصاريفه ودفع الفواتير.

ويشعر العديد من المستقلين بالذنب5 في غياب العمل. فهذا يذكرهم بأنهم يفتقرون إلى الأمان الوظيفي وإمكانية تعرضهم لصعوبات مالية وشيكة، مع أنهم يتقاضون في الغالب -حسب الدراسة- عائدا أكبر مقابل خدمتهم مقارنة بالموظف. وقد يشعر الفرد أنه غير مقدر عندما لا يحصل على ما يكفي من العمل. وهو ما يؤدي إلى شعوره بالتوتر.

الحلول المقترحة لتجاوز المترجم المستقل الضغط النفسي الناتج عن البحث الدائم عن العملاء:

– أدر مواردك بفاعلية لتغطي احتياجاتك خلال فترة الركود؛

– حدد استراتيجية معينة للبحث عن عملاء واعتمدها خلال فترة الركود. فطبيعة عمل المترجم المستقل أن يكون في بحث دائم عن العملاء؛

– تعلم مهارة إدارة الوقت لأنك تأخذ المال في مقابل الوقت الذي تقضيه في إنجاز الخدمة المقدمة؛

– حاول قدر المستطاع الالتزام ببرنامجك اليومي المسطر للحفاظ على صحتك الجسدية والنفسية وقدرتك على الإنتاج.

2- الشعور بالوحدة:

أظهرت الدراسة المذكورة آنفا أن 64 في المئة من المستقلين يشعرون بالوحدة يوميا نتيجة نمط عملهم، وأن 55 في المئة من المستقلين المستجوَبين قالوا إنهم عانوا من الاكتئاب نتيجة عملهم. وبالتالي فإن الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى الاكتئاب.

وفي المقابل، أظهرت الدراسة ذاتها احتمالية إصابة الموظف بأمراض بوتيرة أكبر من المستقل. ويرجع ذلك إلى أن الموظف يقابل أشخاصا كُثر ويتعامل معهم، وبالتالي يكون عرضة لانتقال الأمراض في حال غياب النظافة المنتظمة.

الحلول المقترحة لتخطي الضغط النفسي الناتج عن الشعور بالوحدة:

– لا تتجاوز ساعات العمل المحددة؛

– يُنصح بالتواصل والتحدّث عبر الهاتف -وليس مجرد بعث رسالة هاتفية- لتجاوز الشعور بالوحدة؛

– تواصل مع مستقلين آخرين من خلال مجموعات فيسبوك للتحدث عن مشاعركم وتشارك أفكاركم بهدف الحصول على الدعم النفسي والمعنوي؛

– قابل الأصدقاء خارج المنزل بين الفينة والأخرى للحصول على فرصة التفاعل مع الآخرين؛

– عندما تتوفر مساحات العمل المشتركة في مدينتك، يمكنك الالتحاق بها لطرد الشعور بالعزلة؛

– يمكنك ممارسة الرياضة في أحد النوادي الرياضية للتعرف على أشخاص جدد.

3- تحديد المترجم آجال تسليم تتجاوز قدراته الإنتاجية:

قد تؤدي الموافقة على تسليم العمل في أجل قصير لا يتناسب مع حجمه إلى أداء غير موفق. وهذا الضغط المتكرر يؤدي إلى مشاكل صحية منها متلازمة القولون العصبي واضطراب النوم والصداع. بل إن التعرض للضغط على المدى الطويل يضعف مناعة الجسم ويقلل القدرة على التركيز ويؤدي إلى الإصابة بأمراض أخرى. ووجد الباحثون أن تأجيل مهمة ما إلى حين اقتراب الموعد النهائي يفضي إلى الضغط ويقتل خلايا الدماغ ويقلل الإبداع.6

فعندما تواجهنا صعوبة ما، يطرح الدماغ هرمون الضغط، الكورتيزول، بكميات كبيرة استعدادا لمواجهة خطر ما. فهو يزيد معدل ضربات القلب ويجعل جسمنا مستعدا للركض ويربك دماغنا، مما يصعب علينا استيعاب المعلومات ويبطئ عملية التفكير. ولكن يمكننا التحكم في التوتر بتغيير طريقة التفكير في الأمر. فإذا نظرنا إلى المهمة باعتبارها مشكلة ينبغي حلها وليس تهديدا لكونها مهمة مستحيلة، فإن دماغنا سيقدم بعض الطاقة والوقت ولا يطرح الكورتيزول الذي يبطئ عملية التفكير.7

الحلول المقترحة لتجاوز الضغط النفسي الناتج عن ضيق الوقت المحدد للتسليم:

– حدد بوضوح لنفسك في البداية الكمية التي تستطيع إنجازها في اليوم بناء على إنتاجيتك في مشاريع سابقة أو مماثلة؛

– يمكنك بكل بساطة رفض الآجال غير الواقعية التي لا تتناسب مع قدراتك أو طبيعة النص؛

– إذا وافقت على العمل وكان موعد التسليم غير كاف، اطلب المساعدة من زملائك منذ البداية وليس في آخر لحظة لكي تتمكن من تسليم العمل في موعده دون ضغوط؛

– وضح للعميل أن تاريخ التسليم الذي حددتَه في المراسلة يعتمد على تاريخ إرسال العمل وبدئه. فقد تحدد التاريخ الذي تتوقع أن تنهي فيه الترجمة، لكن تأكيد بدء العمل يأتي متأخرا، وهو ما يقتضي تغيير تاريخ التسليم؛8

– تجنب السعي نحو المثالية لأن ذلك يزيد مستوى الضغط؛9

– ركز على مجال معين. وفي هذا الصدد، ينصح الكثيرون بالتخصص في مجال معين لأنه يؤدي إلى التمكن جيدا من مصطلحات ذلك المجال ومفاهيمه، وبالتالي زيادة الإنتاجية والجودة.

4- العمل أثناء العطلة:

يُفترض أن تكون العطلة فرصة للاستراحة من روتين العمل وتجديد النشاط لاستئناف العمل. وهو مهم للحفاظ على صحة الجسم والعقل. ولكن أكد 54 في المئة من المستقلين المستجوَبين في الدراسة السابقة أنهم يقرؤون الرسائل الإلكترونية الخاصة بالعمل خلال عطلتهم، و48 في المئة منهم يجيبون عليها.

وتشير الدراسة إلى أن 29 في المئة من المستقلين المستجوبين يعملون خلال عطلتهم. فهناك من لا يقْدر على رفض العمل. وأفادت نسبة 15 في المئة فقط بأنها لا تعمل إطلاقا خلال العطلة. وأظهرت دراسة أن عدم أخذ قسط من الراحة يؤدي إلى اضطراب في النوم والاكتئاب.

الحلان المقترحان لتجنب العمل أثناء العطل المؤدي إلى الضغط النفسي:

– امنح نفسك قسطا من الراحة بعيدا عن أجواء العمل: من المهم أن تدرك أن هذا التوقف مهم لتتمكن من العمل بكامل طاقتك، وإلا ستكون العواقب وخيمة على صحتك وجودة عملك. فإذا لم تمنح نفسك قسطا من الراحة بمحض إرادتك، فسترغمك انتكاسة صحية محتملة على ذلك التوقف؛

– اترك رسالة إلكترونية تخبر مراسِليك أنك في عطلة. وتواصل معهم بمجرد استئنافك العمل.

5- عدم الدفع في الوقت المحدد:

لا شك أنك ستتوتر عندما تعمل لأيام وساعات طويلة، ثم ينتهي بك المطاف أمام عميل لا يدفع مستحقاتك أو يتأخر في الدفع لسبب ما. وستغضب لأن العميل لم يقدر مجهودك في العمل والتزامك بموعد التسليم. وستشعر بضغط نفسي لأنك لا تستطيع إرغام العميل على الالتزام بواجباته المالية.

الحلول المقترحة للتأخر في الدفع المؤدي إلى الضغط النفسي:

– يمكنك تفادي ذلك بالبحث أولا عن سيرة العميل قبل التعاقد معه؛

– إذا لم يلتزم العميل بالشروط المتفق عليها بينكما رغم عدم وجود دليل مسبق على عدم جديته، يمكنك رفض التعامل معه مرة أخرى بعد دفع مستحقاتك لتفادي نوبات الغضب التي قد تنتابك كلما حان موعد الدفع؛

– يمكنك أن تعتاد على الأمر بمجرد التأكد من أن العميل يدفع في نهاية المطاف رغم تأخره. فالأمر كله يتوقف على مدى تقبّلك وقدرتك على تحمل مثل هذه المواقف. واختر ما يلائم قدرة تحملك لكي لا تحمل نفسك أكثر من طاقتها.

وفي الختام، تختلف القدرة على تحمل الضغط النفسي من مترجم لآخر. وينبغي أن يعي المترجم قدراته ويراعيها. وعندما يتخذ التدابير اللازمة لحماية صحته النفسية بتفادي أسباب تدهورها، فإنه سيوفّر الجهد والمال الذي قد ينفقه لاستعادة صحته مستقبلا. ويمكن عموما الحد من أعراض الضغط النفسي بممارسة الرياضة بصورة مستمرة وأخذ قسط كاف من النوم وتناول أكل صحي بانتظام.

اقرأ أيضا: أهم 7 نصائح لتحسين النظام الغذائي للمستقل

مصدر الصورة: Pixabay.com


اترك تعليقاً