تقنية التكافؤ في الترجمة: تعريفها وأهميتها وأنواعها مع الأمثلة


تُستخدم تقنية التكافؤ في الترجمة لإنتاج نص هدف مكافئ في المعنى للنص المصدر ومراعٍ للاختلافات الثقافية بينهما. وهي عملية ترجمة نص من خلال إيجاد معنى مكافئ في اللغة الهدف. وتكمن أهميتها في سماحها للمترجم بالحفاظ على المعنى الأصلي للنص مع إبقائه مفهومًا للجمهور المستهدف.

وتساعد تقنية التكافؤ في تحديد الطريقة الأكثر دقة للتعبير عن أفكار النص بلغة أخرى من خلال أنواعها المختلفة. فما أنواع التكافؤ؟ وكيف تُستخدم؟

اقرأ أيضا: تقنيات الترجمة السبع مع الأمثلة

أولا- لماذا تُستخدم تقنية التكافؤ في الترجمة؟

يعد استخدام تقنية التكافؤ في الترجمة أمرًا ضروريًا لضمان دقة النص المترجم ووضوحه. ويتضمن مقارنة النص المصدر والنص المترجم للتأكد من تكافؤ المعنى والأسلوب. وهذا يتطلب من المترجم مراعاة اللغة والجانب الثقافي على السواء لنقل  الرسالة نفسها بدقة في كلتا اللغتين. 

يتمثل أحد الأمثلة التوضيحية لأسلوب التكافؤ في تخيل أنك تحاول إلقاء نكتة على شخص لا يتحدث لغتك. من أجل التأكد من أنه يفهم النكتة، ستحتاج إلى إيجاد طريقة لشرحها بلغته مع الحفاظ على جملة النكتة. هذا هو ما تسعى تقنية التكافؤ إلى القيام به. وهو ما يظهر بوضوح أيضا في ترجمة الأمثال والحكم التي لا يمكن ترجمتها حرفيا، بل يجب استبدالها بأمثال أخرى في اللغة الهدف تؤدي الوظيفة ذاتها التي تؤديها في اللغة المصدر.

ثانيا- أنواع التكافؤ مع أمثلة توضيحية

يقسم عدد من علماء الترجمة -مثل هاوس وكاتفورد ومنى بيكر- تقنية التكافؤ إلى أصناف مختلفة. ومن أبرز أنواع التكافؤ ما يلي:

1) التكافؤ على مستوى الكلمة

يعني ترجمةَ الكلمات من لغة إلى كلمات مكافئة لها في اللغة الهدف. ويركز هذا النوع على الحفاظ على المعنى عند مستوى الكلمة باعتبارها وحدة لغوية ذات معنى بحيث يكون هناك تجانس على مستوى اللغتين. ويبدأ المترجم بهذا النوع أثناء تحليله للنص الأصل لضمان تكافؤ المفردات (بيكر).

مثال: Thousands die of starvation > الآلاف يموتون من الجوع (يمكن مقابلة كلمات الجملة الأصلية هنا بمفردة واحدة لكل كلمة في الترجمة).

2) التكافؤ النحوي

يحيل إلى تحقيق التكافؤ على مستوى القواعد النحوية التي تختلف من لغة إلى أخرى. ولتحقيق هذا النوع من التكافؤ، ينبغي النظر في ترتيب الكلمات والأزمنة والعدد والمذكر والمؤنث (بيكر).

مثال: The translator combines the different procedures > يجمع المترجم بين مختلف الإجراءات (أعيد هنا ترتيب الكلمات لتتوافق الجملة مع قواعد اللغة العربية ببدء الجملة بالفعل ثم الفاعل. ونُقل الفعل في زمن المضارع كما هو في الأصل. وإذا كان في النص ما يفيد بكون المترجم أنثى، ينبغي ترجمة كلمة translator بصيغة المؤنث -المترجمة- وتصريف الفعل وفقًا لذلك).

3) التكافؤ النصي

عندما يكون هناك تكافؤٌ في تدفق المعلومات وتناسقٌ بنيويٌّ (الشكل/المبنى) بين النص الأصل والهدف. ويكون التكافؤ النصي على مستوى الاتساق بين النص الأصلي والنص الهدف ويساعد التمعن في بنية النص على إنتاج نص متسق ومترابط في اللغة الهدف1.

مثال: Preamble > الديباجة (يكون تدفق المعلومات الواردة في الديباجة متكافئا في اللغتين)

Article 1 > المادة 1 (بترجمة بنية النص القانوني مثلا ونقل كافة المواد بالترتيب ذاته، يتحقق التناسق البنيوي)

4) التكافؤ البراغماتي

يتعلق بالمعنى الضمني الذي يريد كاتب النص الأصلي إيصاله. ومن ثم فهو إعادة صياغة مقصد الكاتب ونقل المعنى الضمني الذي يريد الكاتب إيصاله إلى قارئ النص الهدف (بيكر). وهو ما يسميه نايدا بالتكافؤ الديناميكي2.

مثال: Greenwashing > التمويه الأخضر (استُخدمت هذه الترجمة بهدف إيصال المعنى الضمني للمفهوم، وهو -حسب تعريف موقع مفاهيم- توصيل انطباع خاطئ أو معلومات مضللة عن أن منتجات شركة ما سليمة بيئيا أكثر مما هي عليه في الواقع. ويحقق لفظ “التمويه” هذا الغرض)

5) التكافؤ الديناميكي

يركز فيه المترجم على قارئ النص الهدف والأثر المكافئ الذي ينبغي أن تولده الترجمة على قارئها. وهو ما يتطلب من المترجم تحرير النص الأصلي بحسب لغة قارئ النص الهدف وثقافته دون استخدام الكلمات ذاتها بالضرورة (نايدا وتاير).

مثال: Don’t sell ice to Eskimos > لا تبع الماء في حارة السقايين (قدّم المترجم مَثَلًا عربيا مستمدا من الثقافة العربية لتترك الترجمة أثرا مكافئا على القارئ العربي)

6) التكافؤ التواصلي الوظيفي

تكون الأولوية في هذا النوع لوظيفة النص وهدفه (رايس). وحسب كايد، لا تكون وظيفة النص المترجَم متطابقة دائمًا مع وظيفة النص الأصلي. فقد تحافظ الترجمة على نفس الوظيفة التواصلية للنص الأصلي، أو يعيد خلالها المترجم صياغة المضمون ويكون للنص المترجَم وظيفة مغايرة للنص الأصلي.

مثال1: إذا نُشرت قصاصة إخبارية باللغة العربية عن رمضان للإعلان عن أول أيام رمضان، فقد يعيد المترجم في النسخة الإنجليزية صياغة المضمون بإدراج معلومات إضافية عن شهر رمضان للقارئ الأجنبي المستهدف. فهدف النص العربي هو الإخبار، بينما كان في النص الإنجليزي التثقيف.

مثال 2: right to work > الحق في العمل (يشير المصطلحان إلى مفهوم قانوني وتتكافؤ وظيفتهما في النظام القانوني الأصلي والهدف.)

اقرأ أيضا: الترجمة التلخيصية في الصحافة

7) التكافؤ الأسلوبي

يحاول المترجم في هذا المستوى قدر الإمكان محاكاة أسلوب النص الأصلي من خلال الحفاظ على سماته الأسلوبية أثناء الترجمة. ولتحقيق ذلك، ينبغي ألا يلتصق المترجم بتركيب النص ومفرداته، مع عدم تضييع المعنى المعبّر عنه. ولذلك، فإن الأولوية في هذا النوع من التكافؤ للخصائص الأسلوبية والجانب الجمالي للنص.

مثال: تكررت كلمة الميزان في آيات من سورة الرحمان في القرآن الكريم بهدف التأكيد وجاءت متناغمة دون ثقل أو إسهاب، في حين قابلتها إحدى الترجمات الفرنسية بكلمتين مختلفتين تفاديًا للتكرار لتجنب ثقل الأسلوب الفرنسي:3

والسماء رفعها ووضع الميزان (7) ألا تطغوا في الميزان (8) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تُخسروا الميزان (9)

Et quant au ciel, Il l’a élevé bien haut. El Il a établi la balance (7) Afin que vous ne transgressiez pas dans la pesée (8) Donnez toujours le poids exact et ne faussez pas la pesée(9)

في الختام، تسمح تقنية التكافؤ للمترجم بإنجاز ترجماتٍ دقيقةٍ تنقل المعنى المُراد إيصاله ومفهومةٍ ومراعيةٍ لثقافة الفئة المستهدفة لتحقق الهدف من ورائها.

اقرأ أيضا: الترجمة الحرفية: إحدى تقنيات الترجمة السبع

المصادر:

التكافؤ في الترجمة القانونية: الترجمة العربية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بن شريف محمد هشام

مستويات التكافؤ في ترجمة القرآن الكريم، بن صافي خيرة

نظرية التكافؤ اللغوي في الترجمة: دراسة تقويمية من علماء الترجمة، محمد أحسن الدين

 


اترك تعليقاً