الترجمة الحرفية: إحدى تقنيات الترجمة السبع


الترجمة الحرفية هي تقنية تستخدم في الترجمة من خلال النقل المباشر للكلمات من لغة إلى أخرى مع تغييرات طفيفة أو معدومة من حيث القواعد والنحو. وتنطوي تقنية الترجمة الحرفية على ترجمة الكلمات والعبارات من لغة إلى أخرى، مع الحفاظ على معناها الأصلي قدر الإمكان والأخذ بعين الاعتبار التركيب اللغوي والبنائي للغة الهدف. وقد تُعتبر مرحلة أولية للترجمة قبل إدخال التعديلات الضرورية.

وتختلف الترجمة الحرفية عن ترجمة كلمةٍ بكلمة. فكثيرا ما تُستخدم عبارة “الترجمة الحرفية” للإحالة على الترجمة الرديئة. وهو الفرق الذي سنتعرّف عليه في هذا المقال. فالترجمة الحرفية إحدى تقنيات الترجمة السبع المصنفة تحت فئتين: تقنيات الترجمة المباشرة -التي تضم الترجمة الحرفية- وتقنيات الترجمة غير المباشرة. وهي كالآتي:

أولا- أصناف تقنيات الترجمة:

1) تقنيات الترجمة المباشرة:

2) تقنيات الترجمة غير المباشرة:

ثانيا- خصائص الترجمة الحرفية

1) أسهل تقنيات الترجمة

تعد تقنية الترجمة الحرفية أسهل طرق الترجمة بحيث تترجم الكلمة بالكلمة المرادفة لها في اللغة الهدف. ويكون معنى العبارة سليما وواضحا في الثقافة المستهدفة. وينبغي أن تنقل الترجمة الحرفية الشكل والمضمون، أي أفكار الكاتب وكلماته. وينبغي أن تجد لها المقابل في اللغة الهدف. وتكون نتيجة الترجمة الحرفية مقبولة أكثر في اللغات المتقاربة لسانيا وثقافيا مثل الفرنسية والإنجليزية والإسبانية لأنها تتشابه في بنية الجملة والضمائر والصفات.

2) ملائمة في بعض النصوص والسياقات

مع أن الترجمة الحرفية قد تخل بالمعنى الأصلي، إلا أنها في بعض الأحيان قد تكون الأنسب والأمثل لترجمة بعض أنواع النصوص كما هو الحال في النصوص العلمية والتقنية والقانونية التي تتطلب الدقة والأمانة والموضوعية بغض النظر عن الأسلوب، على عكس النصوص الأدبية التي تعتمد بشكل كبير على الجانب الأسلوبي والجمالي.

ويعتمد أيضا مدرسو اللغات الأجنبية على الترجمة الحرفية للتعرف على مكونات الجملة في تعليم اللغات وإيضاح المفردات الجديدة بترجمتها إلى اللغة الأم. واعتمد هذا الأسلوب أساسًا على ترجمة النصوص المكتوبة حرفيا واستقاء قواعد اللغة منها. واستُخدمت تمارين الترجمة كوسيلة تعليمية تهدف إلى تعليم اللغة الأجنبية1. وعلى الرغم من استخدام هذه الطريقة في تدريس اللغات الأجنبية لمدة طويلة، فقد ظهرت طرقٌ أخرى بديلة عنها في تدريس اللغات.

وأما حينما ينحرف المعنى عند اتباع تقنية الترجمة الحرفية، ينبغي حينها أن يستعين المترجم بتقنيات الترجمة الأخرى مثل التكافؤ أو الإبدال. فقد تتعارض الترجمة الحرفية مع خصائص اللغة الهدف وقد يضيع معها المعنى تماما لتنقل كلمات متراصة خالية من المعنى. وتصبح أقرب إلى الترجمة الآلية التي تحتاج إلى الكثير من التنقيح.

ثالثا- ما الفرق بين الترجمة الحرفية وترجمة كلمة بكلمة؟

لا بد من التمييز بين الترجمة الحرفية (literal translation) وترجمة كلمةٍ بكلمة (word-for-word translation). فحسب نيومارك، تَنقل ترجمةُ كلمة بكلمة القواعدَ النحوية للغة المنقول منها وترتيبَ الكلمات فيها والمعنى الأولي لتلك الكلمات بأكملها إلى النص المترجم. وهو ما قد يكون ملائما في بعض الجمل القصيرة والبسيطة. وعليه، فإن ترجمة كلمةٍ بكلمة تتبع بنية اللغة الأصلية على حساب المعنى، في حين أن الترجمة الحرفية تراعي كلًّا من الشكل والمضمون. ومع ذلك، لا يمكن ترجمة نص بأكمله ترجمة حرفية، ولكنها إحدى التقنيات وأولاها المستخدمة في عملية الترجمة.

وأما تقنية الترجمة الحرفية، فتوفر ترجمة دقيقة يسهل فهمها على قارئ اللغة المنقول إليها على غرار النصوص المليئة بالمصطلحات التقنية. ويلتزم المترجم بشكل النص الأصلي قدر الإمكان دون اتباع بنية اللغة الأصلية. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الجملة في اللغة الإنجليزية تبدأ بالفاعل ثم الفعل، فإن ترجمتها الحرفية تقتضي احترام قواعد اللغة العربية ببدء الجملة الفعلية بالفعل ثم الفاعل. ولذلك، فإن ترجمة كلمة بكلمة (word for word) لا تراعي اختلاف التراكيب وتوافقها بين اللغتين. فهي تفضي إلى ترجمة ميكانيكية لا تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات اللغوية. وهو ما لا ينطبق على الترجمة الحرفية.

رابعا- لماذا تُستخدم الترجمة الحرفية؟

تُستخدم الترجمة الحرفية عندما يكون التمثيل الدقيق للنص الأصلي مطلوبًا، كما هو الحال في المستندات القانونية، أو عندما يكون الحفاظ على أسلوب العمل الأدبي أمرًا مهمًا. وفي هذا السياق، خلُصت دراسة إحدى الترجمات الأدبية إلى أن اعتماد المترجم بشكل أساسي على استراتيجية الترجمة الحرفية في تلك الترجمة الأدبية كان اختيارا ناجحا في العديد من الحالات بحيث أسهم بشكل كبير في الحفاظ على المعنى والخصائص الفنية.

ويمكن أيضًا استخدام تقنية الترجمة الحرفية عندما يرغب المؤلف في الحفاظ على رسالته دون تغيير للقراء الذين ليسوا على دراية باللغة المصدر، ولنقل معنى النص بدقةٍ من لغة إلى أخرى. وتساعد في الحفاظ على الاتساق في الترجمات، حيث تضمن أن جميع الترجمات تتبع مجموعة القواعد ذاتها الخاصة بالدقة والوضوح.

ويكتفي المترجم بالترجمة الحرفية عندما لا تطرح هذه الترجمة مشكلات ترجمية على مستوى المعنى أو الأسلوب أو قواعد النحو. وإذا طُرحت تلك المشكلات، يحتاج المترجم إلى الاستعانة بتقنيات الترجمة الأخرى.

خامسا- أمثلة للترجمة الحرفية

تُظهر الأمثلة الآتية ترجمة الكلمات بما يقابلها في اللغة المنقول إليها مع تغييرات معدومة أو طفيفة متعلقة بترتيب الكلمات (الفعل ثم الفاعل):

The student goes to the university > يذهب الطالب إلى الجامعة 

Use the discount code >استخدم رمز الخصم

I brought my books back to the library > أعدت كتبي إلى المكتبة

This game is remarkable > هذه اللعبة رائعة

In the corner > في الزاوية

وفي الختام، تختلف تقنية الترجمة الحرفية عن ترجمة كلمة بكلمة التي تفضي إلى ترجمة رديئة لا تراعي قواعد اللغة المنقول إليها. وتكمن أهمية هذه التقنية في الحفاظ على المعنى والخصائص الفنية في كثيرٍ من الحالات. وتظل إحدى التقنيات أو الاستراتيجيات التي يلجأ إليها المترجم في عملية الترجمة.


اترك تعليقاً