المترجم شخصٌ قادرٌ على تحليل النصوص وفهم سياقها ونقلها إلى لغة يجيدها بحيث تؤدي ترجمته الغرض المرجو منها. وهو ليس مجرد شخص يتحدث اللغة الأجنبية بطلاقة. وقد تمكّنه مهارته من إنتاج ترجمة تتفوق على النص الأصلي. وتكتسي وظيفة المترجم أهميةً بالغةً في توفير المعارف والمعلومات المهمة بلغات مختلفة. فالمترجم، أو المترجم التحريري، مسؤولٌ عن استخدام معرفته بلغتين أو أكثر لترجمة نصوص من لغة إلى أخرى. ويترجم أنواعا مختلفة من الوثائق مثل الرسائل والتقارير والمقالات والكتب في مجالات مختلفة منها المجال التقني والقانوني والتجاري.
ويمكن أن يتخصص المترجم في مجالٍ معين مثل المجال الطبي أو يركّز على فرعٍ معينٍ من فروع الترجمة مثل التوطين (ترجمة المواقع والبرمجيات) أو السترجة. وهو مطالبٌ بإتمام الترجمات في إطار زمني محدد واستخدام مجموعة من الأدوات الكفيلة بمساعدته على إنجاز مهامه بسرعة ودقة. ويلقي هذا المقال نظرة على طبيعة وظيفة المترجم ومؤهلاته وأماكن عمله ومهاراته ومهامه.
أولا- أماكن عمل المترجم
يمكن أن يختار المترجم بين العمل موظفا بدوام كامل لدى جهة ما أو مترجما مستقلا عن بعد. ويعمل المترجم الموظف بصورة أساسية مع جهة واحدة. وأما المترجم المستقل، فيمكنه أن يتعاقد مع العديد من العملاء لتقديم خدماته عن بعد. ويوظِّف عدد من الجهات مثل المنظمات مترجمين بدوام كامل ومترجمين مستقلين في آن واحد. وتتنوع المجالات التي يعمل فيها المترجم مثل التعليم والسياحة والإعلام. ويعمل بعض الموظفين أيضا مترجمين مستقلين إلى جانب عملهم الأساسي لأسباب مختلفة منها عدم كفاية الراتب. وتُتاح الشواغر المعلن عنها بخصوص وظيفة المترجم، على سبيل المثال لا الحصر، لدى الجهات التالية:
- شركات ووكالات الترجمة؛
- الشركات في مختلف المجالات وشركات التصنيع؛
- المؤسسات الخاصة؛
- البعثات الدبلوماسية؛
- المنظمات الدولية والمؤسسات الحكومية.
ثانيا- مؤهلات المترجم الأكاديمية المطلوبة في وظيفة المترجم
لا يُطلب من المترجم بالضرورة حصوله على شهادة في مجال الترجمة، شريطة قدرته على إثبات كفاءته اللغوية. ولا يُشترط الحصول على معدل عال أو الالتحاق بمسار معين. ومع ذلك، يشترط عدد من أرباب العمل في وظيفة المترجم الحصول على شهادة جامعية، ولاسيما المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية. فعلى سبيل المثال، تشترط منظمة الأمم المتحدة حصول المترجم على شهادة الإجازة/البكالوريوس على الأقل من إحدى الجامعات المعتمدة. ولا تشترط أن تكون هذه الشهادة في اللغات والترجمة. وبالإضافة إلى ذلك، يسعى بعض المترجمين إلى دراسة تخصصات معينة أو الخضوع لدورات تكوينية مكثفة بهدف احتراف الترجمة المتخصصة.
وتطلب بعض الشركات حصول المترجم على شهادة مهنية تمنحها جمعيات الترجمة أو الجهات المختصة في بلده لإثبات خبرته ومهاراته. وللحصول على هذه الشهادة، يحتاج المترجم إلى اجتياز اختبار كفاءة أو اعتماد تجريه المؤسسات المعنية المحلية والدولية سواء حضوريا أو عن بعد. وفي المقابل، تكتفي شركات أخرى بإخضاع المترجم لاختبار ترجمة للتأكد من مهاراته اللغوية.
ثالثا- المهارات الضرورية في وظيفة المترجم
يحتاج المترجم إلى إقناع العميل أو الجهة التي يسعى إلى العمل فيها بتحليه بمجموعة من المهارات. وفضلا عن ذلك، يُشترط أحيانا اكتساب المترجم الخبرة بناءً على عمله المسبق في المجال. وفي هذه الحالة، يلجأ المترجم المبتدئ إلى العمل التطوعي في مجال الترجمة لسد هذه الفجوة في سيرته الذاتية. وتهدف اختبارات الترجمة إلى التأكد من مدى استجابة المرشح للمعايير التي تمكنه من أداء مهامه. وفيما يلي أبرز المهارات التي ينتظرها العميل من المترجم:
1) إجادة لغتين على الأقل أول مهارة متوقَّعة في وظيفة المترجم
بما أن الترجمة نقل نص من لغة إلى أخرى، لا بد أن يجيد المترجم اللغة المصدر والهدف. وهو ما يسمح له بفهم محتوى النص والقدرة على نقله على نحو سليم لغويا. وإضافة إلى ذلك، يمكّن فهم الثقافات المنقول منها وإليها المترجم من الفهم السليم للمحتوى ونقله على النحو المناسب للمتلقي.
2) القدرة على الالتزام بمواعيد تسليم العمل النهائية
يُطلب من المترجم في كثير من الأحيان العمل تحت الضغط بسبب استعجال العميل. وفي هذه الحالة، يكون مضطرا للعمل في مهل زمنية ضيقة. ومع أن عروض العمل لا تشير إلى مهارة الكتابة السريعة، فإنها مهارة مهمة مضمنة تساعد المترجم على الإسراع في الترجمة.
3) القدرة على استيعاب المفاهيم الجديدة بسرعة مثل المصطلحات التقنية
تتناسل المصطلحات الجديدة مع التدفق المعرفي والتطورات التكنولوجية. ولذلك، في حال لم يكن المترجم على اطلاع بمعنى مصطلح ما، ينبغي أن يكون متمكّنا من طرق البحث لإيجاد المقابل المناسب في وقت وجيز.
4) القدرة على الكتابة بأسلوب واضح ودقيق والإحاطة بقواعد النحو والصرف
يُنتظر من المترجم أن يكون قادرا على إعادة كتابة النص الأصلي بلغة يفهمها القارئ. ولذلك، ينبغي أن يمتلك المترجم القدرة على الكتابة باللغة المنقول إليها ويتمكن من قواعدها لتجنب الوقوع في الأخطاء اللغوية وغير اللغوية.
5) الانتباه للتفاصيل من أبرز المهارات المُشار إليها في إعلانات وظيفة المترجم
تسمح هذه المهارة بتحقيق الدقة في الترجمة. ويحتاج المترجم إلى نقل كل كلمة بدقة كبيرة تعكس معناها في حدود ما تسمح به اللغة الهدف. وهذا ما يجعل البحث عبر الإنترنت أيضا إحدى المهارات الضرورية للمترجم لتحري الدقة.
6) إجادة مهارات التكنولوجيا المرتبطة بالترجمة
لا بد أن يواكب المترجم التطورات التكنولوجية في مجال الترجمة ويجيدها لأنها تسهّل عمله مثل برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب أو أدوات ضمان الجودة.
7) القدرة على إدارة الوقت بكفاءة مهارةٌ مضمنةٌ في إعلان وظيفة المترجم
يحتاج المترجم إلى التمكن من تنظيم الوقت للتمكن من الالتزام بمواعيد التسليم وتحقيق حياة متوازنة. فعندما يُشترط في الإعلان القدرة على تسليم العمل في الوقت المحدد له، هذا يعني عمليا القدرة على تنظيم الوقت على نحو يمكّنك من إتمام مهامك في الآجال المتفق عليها. وينبغي أن يراعي المترجم في برنامجِه العملَ والتعلمَ والبحثَ عن عملاء جدد وحياته الخاصة. ويجب ألا يهمل الجانب الصحي أيضا من خلال اتباع عادات صحية تسهم في الحفاظ على صحته وتحسين كفاءته.
8) القدرة على تقدير الوقت اللازم لإتمام الترجمة وتحديد تكلفتها مسبقا
يساعد الوعي مسبقا بكمية العمل الممكن إنجازها في اليوم أو الساعة على تقدير المدة المطلوبة لإتمام العمل. ولا بد أن يتسم المترجم بالواقعية في تحديد الآجال لأن المبالغة في الكمية الممكن إنجازها ستؤثر على جودة العمل.
9) القدرة على إقامة علاقات جيدة مع العملاء
وهو ما يدخل في مهارة التواصل ويجعل العميل يفضل التعامل مع مترجم معين دون غيره. ويؤدي إرضاء العميل وتقديم خدمات ترقى إلى تطلعاته إلى ولائه وإخلاصه.
10) القدرة على التحفيز الذاتي، ولاسيما خلال فترات الركود في العمل الحر
تشمل سلبيات العمل الحر في مجال الترجمة احتمالية عدم تدفق العمل على مدار السنة. ولذلك، ينبغي أن يكون المترجم الحر قادرا على تدبير مدخوله لتغطية فترات الركود. وتُوجد مجموعة من النصائح المفيدة ليتخطى المترجم الشعور بالفشل الذي قد يراوده في مثل هذه الفترات.
وأما المترجم الموظف، فقد يكون مكتبه مشتركا مع زملاء آخرين أو في فضاء مفتوح. وبذلك، يجب أن يملك القدرة على التركيز رغم المشتتات التي تحيط به مثل الأحاديث الجانبية والحركة المتواصلة.
اقرأ أيضا: مهارات المترجم: 12 مهارة ينتظرها الزبون من المترجم المستقل
رابعا- مهام المترجم
تختلف مهام المترجم حسب ما إذا كان يعمل لصالح جهة معينة بدوام كامل أو على نحو مستقل بصفته مترجما حرا. ويضطلع المترجم الموظف في كثير من الأحيان بالعديد من المهام إلى جانب الترجمة. ولكنه عادةً لا يقوم بمهام أخرى لا تدخل في صلب تخصصه يؤديها -مع ذلك- المترجم المستقل مثل الفوترة أو البحث عن العملاء. ويمكن تلخيص مهام المترجم فيما يلي:
- ترجمة الوثائق أو المحتوى السمعي البصري مثل ترجمة الفيديوهات أو العروض؛
- مراجعة الترجمات؛
- المراجعة اللغوية للوثائق؛
- كتابة المحتوى؛
- مراجعة ترجمة الآلة؛
- البحث عن المصطلحات وترجمتها؛
- التواصل مع العملاء والإجابة على المراسلات؛
- تسويق المترجم لمهاراته؛
- البحث عن عملاء جدد؛
- التفاوض مع العملاء؛
- إعداد الفواتير وخطابات عرض السعر المناسبة لمشاريع الترجمة.
كلمة أخيرة
يلخص هذا المقال أبرز المعلومات التي قد يبحث عنها كل مهتم بمجال الترجمة على الصعيد المهني. فبعد أن يراكم المترجم الخبرة اللازمة، يمكنه أن يؤسس شركته الخاصة أو مكتبا لترجمة الوثائق المعتمدة لدى الجهات الرسمية مثل السفارات والمحاكم بعد اجتياز اختبار الاعتماد.
مصادر مفيدة
International translator salary