فشل المترجم في العمل الحر

ما سبب فشل المترجم في العمل الحر؟


أصبح العمل الحر في مجال الترجمة يستقطب أعدادًا متزايدةً من المترجمين. ويفضل العديد منهم العمل بشكل حر ومستقل، بينما يميل آخرون للعمل بدوام كامل في مؤسسات وشركات. ولكن لماذا يصعب على بعض المترجمين النجاح في العمل الحر؟ هل هناك أسباب خفية تعيق تحقيق النجاح في هذا المجال وتؤدي إلى فشل المترجم في العمل الحر؟

في هذا المقال، سوف نناقش ستة (6) أسباب وراء فشل بعض المترجمين في العمل الحر، وسبل التغلب عليها.

أولا- أهمية العمل الحر في مجال الترجمة

يمنح العمل الحر في مجال الترجمة المترجمين فرصة العمل مع عملاء مختلفين وعلى مشاريع متنوعة. وهو ما قد يساعدهم على توسيع خبرتهم في هذا المجال وزيادة دخلهم المادي. وشكّل حلًّا لكثيرٍ من الشباب الذين لم يجدوا فرص عملٍ في وظائف بدوامٍ كاملٍ. ويختلف العمل الحر في مجال الترجمة عن الوظائف التقليدية في طبيعته وتحدياته وامتيازاته أيضا. ويتيح العمل الحر للمترجمين المرونة في تحديد ساعات العمل ومكانه. وبالتالي، يتمتعون بحرية الاختيار والاستقلالية في إدارة عملهم وتنظيمه بأفضل الطرق الممكنة.

اقرأ أيضا: إيجابيات وسلبيات العمل الحر في مجال الترجمة

ثانيا- أسباب فشل المترجم في العمل الحر

هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى فشل المترجمين في العمل الحر، ومن أهمها قلة الخبرة وعدم التركيز على تحسين المهارات وتطويرها بشكل مستمر. ويمكن أن يتأثر نجاح المترجم في مجاله بغياب التخصص وعدم تحديده الأسعار على نحو مناسب وعدم امتلاكه مهارات التسويق الذاتي وعدم تحليه بالصبر والمثابرة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يحرص المترجم على تقديم عمل يتسم بالجودة في كل ترجماته. ويؤثر إغفال جانب الجودة سلبًا على سمعة المترجم ويصعّب عليه جذب المزيد من العملاء.

1) عدم الحرص على الجودة.. أول سبب وراء فشل المترجم في العمل الحر

لا يمكن إنكار أهمية الجودة في العمل الحر بأي حالٍ من الأحوال. فالترجمة تتطلب دقةً كبيرةً لتحقيق الأهداف المنشودة منها. ويسهّل توفير ترجمة عالية الجودة على المترجم الحر بناء علاقات احترافية فعالة، ويحسِّن فرص التعاون المستقبليَّة. وتكمن أهم طريقة لتحسين جودة الترجمة في تحديد مجال تخصُّصه والإلمام به.1

اقرأ أيضا: كيف تتحقق من جودة الترجمة قبل تسليمها؟

ويمكن أن يؤثر عدم الحرص على الجودة في العمل الحر على فشل المترجم في أداء عمله بشكل كبير. فذلك يعني أن المترجم يقدم عملًا رديئًا ولا يفي بمتطلبات العملاء. وبالتالي، قد يؤدي ذلك إلى فقدان العملاء ومصداقية المترجم وثقة العميل. وعليه، يجب على العامل في مجال الترجمة أن يحرص بشدةٍ على الجودة في عمله. ويساعده هذا الحرص على بناء شبكة علاقات مهنية طويلة الأمد تُسهم بدورها في جذب مزيدٍ من العملاء بفضل تلك السمعة.

2) عدم التخصص أو الخبرة في مجال معين

من المهم تحديد مجال للتخصص لنجاح أي مترجم مستقل. ويرجع ذلك إلى أن الترجمة تشمل العديد من المجالات الخاصة بالصناعات المختلفة. ولا يمكن لأي شخص أن يكون متخصصًا في كل المجالات. ويساعد التخصص على تحديد المجالات التي يجب أن يركز عليها المترجم. بالإضافة إلى ذلك، يعزز تحديد التخصص المعرفة والخبرة في المجال المحدد ويجعل المترجم أكثر قدرةً على إنجاز المهام بجودةٍ عاليةٍ وفي وقتٍ أقل.

اقرأ أيضا: أنواع الترجمة… هذه أبرزها حاليا في سوق العمل

ويعتبر عدم وجود تخصص أو غياب الخبرة في مجال معين من الأسباب الرئيسية لفشل المترجم في العمل الحر. فعندما يتعامل المترجم مع مجال ترجمة جديد غير متخصص فيه، فإنه يواجه صعوبة في فهمه فهمًا دقيقًا والاستجابة لمتطلبات العمل، مما يؤثر على جودة العمل النهائي. ويؤدي عدم وجود الخبرة إلى عدم القدرة على تحديد الأسعار بشكل صحيح وتقدير الوقت المستغرق لإنجاز العمل. لذلك، يجب على المترجمين العمل على تطوير مهاراتهم في تخصصات محددة والحصول على الخبرة اللازمة لضمان نجاحهم في العمل الحر في مجال الترجمة.

3) عدم تحديد الأسعار بشكل مناسب 

يُعد تحديد الأسعار على النحو المناسب من الأمور الهامة في العمل الحر في مجال الترجمة. ويتعرض المترجمون المستقلون في كثيرٍ من الأحيان لمشكلة تحديد السعر المناسب. وفي هذا السياق، يترددون في تحديد سعرٍ مرتفعٍ خوفاً من فقدان العملاء، وينسون بأن للجودة والخبرة ثمنٌ. وفضلا عن ذلك، يساعد تقدير الأسعار المناسبة في حفاظ المترجم على سمعته المهنية ويُجنبه الوقوع في المنافسة على أسعار متدنية. لذلك، يجب على المترجمين تحديد الأسعار بشكل مناسب بناءً على خبرتهم وجودة عملهم وتكاليفه.

وقد يؤدي عدم تحديد السعر بوضوح إلى تكرار التفاوض مع العملاء وعدم الاتفاق على الأجر الذي يُناسب جهد المترجم ووقته. ويمكن أن يفضي أيضا إلى تنازل المترجم عن أجره المعتاد للحصول على عملاء جدد. وهذا قد يؤثر على دخل المترجم وقدرته على تلبية احتياجاته الشخصية والمهنية ومواصلة العمل الحر. وسيحتاج المترجم أيضا إلى أخذ مصاريف التعلم المستمر بعين الاعتبار عند تحديد سعره. لذلك، من الأفضل تحديد الأسعار على نحو واضح وفقاً للجهد المطلوب وإنتاجية المترجم.

4) عدم إتقان مهارة التسويق من أبرز أسباب فشل المترجم في العمل الحر

تأتي مهارة التسويق في مقدمة المهارات الضرورية للنجاح في العمل الحر. فالمترجم الحر يعمل بمفرده دون فريق يسانده. والتسويق هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يستخدمها لجذب العملاء. ولذلك، يجب على المترجم الحر أن يتعلم كيفية تسويق خدماته، وكيفية التواصل مع عملائه المحتملين وتطوير مهاراته في هذا المجال. وتساعد مهارات التسويق المترجم الحر على بناء سمعته وهويته التجارية، وجذب المزيد من العملاء، والنجاح في العمل الحر.

وتوجد العديد من الطرق المختلفة لتنمية مهارات التسويق الذاتي في العمل الحر، ومنها:

 * تطوير القدرة على التواصل مع العملاء المحتملين عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني.
 * التوفر على موقع إلكتروني يعرض خدمات المترجم.
 * تحديد العملاء المحتملين وتقديم خدمات مخصصة لهم تلبي احتياجاتهم. وهو ما يجب أن يظهر جليا في أول مراسلة معهم.
 * العمل على تطوير صفحاتك الشخصية على المواقع الاجتماعية والتفاعل مع العملاء.

أ) لماذا يؤثر انعدام مهارات التسويق على فشل المترجم؟

تساعد القدرة على الترويج لخدماتك والتعريف بنفسك بشكل صحيح في زيادة حجم العمل والعملاء. وإذا كنت لا تملك مهارات التسويق اللازمة، فقد تجد صعوبة في الوصول إلى العملاء وإبرام عقود جديدة. ولا تكفي مهاراتك الممتازة في الترجمة، بل يجب أن تكون قادرا على الوصول إلى العملاء وإقناعهم بتلك المهارات. وهو ما يؤثر على كسب العيش من العمل الحر. ولذلك، سيكون من الأفضل الاستثمار في تعلم مهارات التسويق من خلال دورات تدريبية أو الاطلاع على الموارد المتاحة على الإنترنت والاستفادة من المعلومات الواردة فيها مجانًا.

اقرأ أيضا: التسويق في مجال الترجمة: 11 فكرة تسويقية للمترجم المستقل

5) قلة الصبر وعدم المثابرة

تظهر أهمية الصبر والمثابرة في العمل الحر لما لهما من تأثير على نجاح المترجمين. فالعمل الحر يتطلب صبراً كبيراً حيث يحتاج المترجم للتواصل مع عدد كبير من العملاء والتعامل مع طلبات مختلفة قد يكون بعضها صعباً أو يتطلب وقتاً طويلاً. ويحتاج العمل الحر إلى الاستمرارية والمثابرة في العمل والتركيز على الهدف الذي قد يكمن في زيادة عدد العملاء ومعدل طلبات الترجمة. ولا ينبغي أن تؤثر الضغوط اليومية على جودة العمل وإنتاجية المترجم. وعليه، فإن الصبر والمثابرة يساعدان المترجم على بناء سمعة أفضل وجذب عملاء جدد.

وتُؤدي قلة الصبر وعدم المثابرة إلى فشل المترجم في مجال العمل الحر. وإذا كان المترجم لا يستطيع الاستمرار في العمل لفترة طويلة دون التعرض للتحديات والصعوبات، فمن المحتمل أن يخسر الكثيرَ من العملاء الذين جلبهم. ويحتاج العثور على عملاء جدد إلى كثير من الصبر لأنك لن تحصل على ردود إيجابية من أول تواصل لك مع العملاء المحتملين. وإن كنت قليل الصبر وتبحث عن نتائج سريعة بعد بضعة أسابيع من بدء بحثك عن عملاء جدد، فإنك تحكم على مسيرتك المهنية في المجال الحر بالفشل.

أ) كيف تتحلى بالصبر والمثابرة في العمل الحر؟

للاستمرار في العمل الحر، يمكن اتباع النصائح التالية:
– حدد الأهداف التي تريد تحقيقها في العمل الحر بوضوحٍ واعمل بجدٍّ لتحقيقها.
– فكّر بإيجابية وتجنب التشاؤم والإحباط، وذلك بالتفكير في العوائق كفرص للتعلم والتحسين.
– انخرط في دورات تدريبية لتطوير قدراتك وتعلم المهارات الجديدة التي ستساعدك على تحقيق أهدافك في العمل الحر.
– خصّص وقتًا لأنشطتك المفضلة التي تساعدك على الاسترخاء وتنشيط جسمك وعقلك مثل المشي والقراءة.
– ابحث عن من يدعمك ويقدم لك الدعم النفسي والمعنوي والتشجيع، ولا تتردد في استشارة الآخرين إذا احتجت إلى ذلك.
– التزم بالتخطيط والتنظيم في العمل اليومي وتحديد الأولويات لتنظيم أفكارك وتوزيع وقتك بشكل مناسب.

اقرأ أيضا: كيف تتعامل مع الفشل في الحصول على فرصة عمل؟

6) عدم الاستعداد للتعلم المستمر

يعدّ التعلم المستمر أساسيًا لنجاح المترجم في العمل الحر. ويتطلب مجال الترجمة تحسين المستوى اللغوي باستمرار ومتابعة التطورات التكنولوجية ذات الصلة بالترجمة والاطلاع على المستجدات الثقافية بشكل شبه دائم. وإذا لم يحافظ المترجم على مهاراته ويواكب التحديثات في مجال الترجمة، فإنه سيجد صعوبة في إنجاز مهامه وتحقيق جودة عالية في عمله. لذلك، من الضروري أن يكون التعلم المستمر من أولويات المترجم الحر للحفاظ على جودة عمله. ولا تساعد القدرة على التعلم المستمر في تقديم خدمات ترجمة متميزة فحسب، بل تساعد أيضًا في التعامل مع العملاء وفهم احتياجاتهم وتطلعاتهم.

ويمكن للمترجم المستقل أن يستمر في التعلم عن طريق الاشتراك في دورات تدريبية، واختيار الكتب المناسبة لقراءتها، والمشاركة في مجموعات النقاش المختلفة، وحضور المؤتمرات والندوات، ومتابعة الأخبار في مجال الترجمة واللغات. إضافةً إلى ذلك، تقدّم بعض الشركات العالمية في هذا المجال، على سبيل المثال، دورات تدريبية مجانية للمترجمين. ويمكنهم تحسين مهاراتهم والتعرّف على التطوّر الحاصل في مجال الترجمة ومواكبة تقنياتها الحديثة. 

اقرأ أيضا: 10 ممارسات مساعدة على تطوير مهارة الترجمة

خاتمة

وفي الختام، يمكننا تلخيص أبرز أسباب فشل المترجم في العمل الحر في عدم الحرص على تحقيق الجودة، وعدم التخصص في مجال معين وبالتالي عدم مراكمة الخبرة فيه، وعدم تحديد الأسعار المناسبة التي تغطي احتياجاته وتناسب مجهوده، وعدم إتقان مهارة التسويق، وعدم التحلي بالصبر والمثابرة للوصول إلى العدد الكافي من العملاء، وعدم الاستثمار في التعلم المستمر الذي يساعد المترجم على مواكبة التغيرات الطارئة في مجال الترجمة. 

اقرأ أيضا: مراحل تطور المترجم بناءً على تجربة شخصية 


اترك تعليقاً