صفات المترجم الناجح المهارات المطلوبة لسوق العمل والأدوات

صفات المترجم الناجح ومهاراته وأدواته – دليل المترجم


فارس وقد تسلح بلغاتٍ سبع، وعلى صهوة حصانه شق الطرق والجبال وعبر البحار والأنهار حاملاً أسمى رسالة تبدأ من بين شفتيه وتنتهي في دفتره، حتى يقتل الفتن ويقضي على الحروب بكلمة أعاد غزلها حتى صارت مهداً للتلاقي. أنت راهب العلم والمعرفة الذي لا يقرأ كلمة بلغة حتى يقسم أن يقدمها لمن لا يعرفون تلك اللغة. 

أنت الطبيب الذي يضمد جروح العالم، وصانع السلام الذي يمد يديه عبر المحيطات حتى يصل بين قلبين تجمعهما الإنسانية ولا يجمعهما لسان واحد. أنت الفنان الذي يرسم الكلمات بلون جديد، ويصنع لحناً موسيقياً يحفظ المعنى، وسمع نداء رجل في القبيلة فينضم إليه حتى تصل رسالته إلى أقصى الآفاق. أنت المترجم!

أنت المترجم، أو أنك تود أن تكون مترجماً، ولكن الطريق وعراً ونحن نعي هذا، فاسمح لنا أن نشعل مصباحاً في طريقك، فتقترب خطوة من بوابة عالم الترجمة الذي تتوق إلى دخوله، فقد تعددت أنواع المترجمين ومهاراتهم وأدواتهم:

اقرأ أيضا: ما أنواع شركات الترجمة والمترجمين المستقلين

من أجل أن نبعد عن عينيك الضباب، وأن يتضح طريقك، وقد تعددت أنواع المترجمين، فتجد العديد من المترجمين من كل نوع؛ لذا يجب أن تحدد إلى أي نوعٍ من المترجمين تنتمي:

أولا- أنواع التخصصات للمترجم:

1) المترجم المعتمد: 

في المنشآت الحكومية الرسمية، يحتاجون احياناً مَن يقوم بترجمة الوثائق الرسمية بشكل دقيق؛ فالبيانات التي تحتوي عليها هذه الوثائق حساسة للغاية وسيعاني الناس كثيراً إن تمت ترجمتها بشكل خاطئ أَو غير دقيق. لذلك، يتم تعيين مترجم معتمد؛ لأن اعتماده يعني أنه شديد التخصص وفائق الدقة. 

موضوع حديثنا الآن يستثير فكرة مثيرة للاهتمام، كيف يمكنك أن تصبح مترجماً معتمداً؟ في مصر مثلا، يوجد ثلاث مؤسسات يمكنها أن تمنحك شهادة الاعتماد: إما الجمعية المصرية للمترجمين، أو الجمعية الأمريكية للمترجمين، أو الاتحاد الدولي للمترجمين. بما أن في غالب الأمر ينحصر دور المترجم المعتمد في نطاق الوثائق الرسمية فقد اشتهرت الترجمة القانونية المعتمدة من بين تخصصات الترجمة المختلفة التي يحرص العاملون بها على الاعتماد. 

2) المترجم المتخصص: 

للترجمة العديد من التخصصات: كالترجمة الطبية، والقانونية، والصحفية، والعلمية، والدينية، والسياسية، والأدبية. نظراً لصعوبة هذه التخصصات، واتسام كل منها بألفاظٍ وصيغٍ تُستخدم به ولا تُستخدم في غيره من التخصصات، فإن استطاع المترجم أن يتبحر في أحد التخصصات وأن يعرف دقائقها، فيستطيع أن يقود قلمه إلى أقصى غابات التخصص وأعلى جباله.

اقرأ أيضا: تعرّف على أبرز أنواع الترجمة التحريرية

3) المترجم الفوري الشفوي: 

طريق المترجم الفوري كمن في قاع جبل، وكلما صعد زال الظلام، وتسلل النور من حوله، حتى صارت عيناه ترى القمر منيراً، فهو لا يمتلك نصاً مكتوباً يقوم بترجمته، وإنما يقترض الكلمات من بين شفتي قائلها ويصبغها بلغة أخرى بمجرد أن تتحرر من بين شفتي قائلها. 

ثانيا- مؤهلات المترجم الناجح

إن كانت روحك تألف الترجمة ولم تحن الفرصة بعد أن تتعرف عليها رسمياً، ولا تدر سبيلاً إليها، فلا بأس! سأعطيك هدية غالية: صندوق سحري يكشف لك عن الحيل السحرية التي ستحولك لمترجم ناجح:

1) الإجادة اللغوية: 

اللغات للمترجم كساقيه تماماً؛ فبدون اللغات لن يستطيع حتى أن يخط خطاً بقلمه، وستموت الكلمات على لسانه وهو يتعثر ويتخبط بين جنبات اللغة الأجنبية. فحجر الأساسِ الذي لن يرى برج الترجمة الخاص بك النور بدونه هو تعلم اللغات، وبحدٍّ أدنى إتمام إجادة لغتين: اللغة التي تترجم عنها واللغة التي تترجم إليها.

2) إجادة الترجمة: 

إن كانت اللغات ساقيك، فلن تستطيع دخول عالم الترجمة من بوابته الهائلة دون أن تتقن معرفتك بالطريق أولاً، فحتى إن تعلمت لغات العالم كله فسيظل عالمك مظلماً، وبرجك قصير القامة. فالترجمة ليست مجرد نقل كلمات من لغتها الأصلية للغة أخرى، وإنما هي فنٌّ بديعٌ تتعدد أقسامه ومدارسه وأساليبه؛ لذا فيجب أن تأخذ دروساً في الترجمة، سواء كانت دورة خاصة بشركة ترجمة، أو دورة جامعية تتخصص في شرح فنون الترجمة، وقراءة بعض النظريات التي أعدها اللغويون من أجل الترجمة سيساعدك كذلك.

اقرأ أيضا: تعريف منهجية الترجمة: تقنيات الترجمة مع الأمثلة

3) الأمانة والموضوعية: 

أنا أعلم جيداً أنك إنسان، ولك صوت ورأي  قد يختلف عن رأي الكاتب، فتجعل عملك ناقداً لعمله، أو حتى تتفق مع رأيه فتبالغ في استحسانه ووصف معانيه، ولكن تذكر عزيزي أنك لست كاتباً، وعملك ليس أن تكتب نقداً للعمل الأصلي فتوافقه الرأي أو تخالفه، وإنما أنت مترجم يقتضي عمله أن يمكن من لا يفقهون شيئاً عن لغة العمل الأصلية أن ينعموا بأفكاره ومعانيه، وعليك أن تدع لهم الفرصة أن يصنعوا لهم رأياً عنه بأنفسهم، دون أن تقحم رأيك أنت في الأمر. 

4) الدقة والنباهة: 

ولأنك لا تترجم مجرد كلمات خاوية وإنما معانٍ وأفكارٍ، فيجب أن تدرس النص جيداً، وتقرأ ما قال النقاد والمفكرون عنه وعن الفكرة التي يناقشها، وتقرأ ما كتبه أو قاله الكاتب عن العمل لتفهمه وتفهم مغزاه حتى تتمكن من ترجمته بشكل صحيح ودقيق لا يخل بنية الكاتب أو برؤية عمله.

5) مثقفاً وشغوفاً بالقراءة والمعرفة: 

أنت لا تترجم مجرد كلماتٍ وجملٍ، وإنما المعاني والأفكار التي تحملها الجمل والعبارات؛ لذلك يجب أن تكون على دراية بما يدور حولك من أحداث عالمية ومحلية وأن تمتلك معرفة جيدة بمختلف المجالات. لكن إن لم تكن مثقفاً بالفعل، فيمكنك أن تبدأ بالقراءة حول ما يدور حوله مشروعك قبل الشروع في الترجمة، فهذا سيساعدك في جعلها ترجمة احترافية دقيقة وستكون عملية الترجمة ذاتها أيسر وأبسط. مع مرور الوقت، والعمل على المشاريع المختلفة، ستكون لك معرفة جيدة بأمورٍ كثيرةٍ. 

6) تنظيم الوقت: 

لا يستطيع أحدٌ أن يحدد الوقت الذي قد تحتاج إليه للانتهاء من ترجمة نص سواك، لذلك ربما لا تكون مقيداً بمواعيد صارمة في بعض مشاريعك. عدم الالتزام بمواعيد تسليم النص مترجماً سيعرضك لخسارة العديد من فرص العمل التي يقدمها أي مكتب ترجمة معتمد، فلن يتخذك أحد بجدية، وربما لا يفضلون العمل معك في المستقبل على الرغم من مهارتك وخلو أعمالك المترجمة من الأخطاء. على الرغم من هذا فأنت لا تمتلك كل الوقت في العالم، فعادة أعمال آخرين تترتب على موعد انتهائك من النص؛ لذا فمن مظاهر الاحترافية أن تخبر عملاءك بموعد تقريبي لانتهائك من ترجمة العمل، وأن تحاول قدر الإمكان الالتزام بهذا الميعاد.

اقرأ أيضا: 7 نصائح تساعد المترجم على تنظيم الوقت

ثالثا- كيفية إتقان الترجمة التخصصية؟

في رأينا أن الترجمة المتخصصة كنزٌ حقيقي لكل من يرغب أن يقوم بتبديل مجال عمله إلى مجال الترجمة. فالترجمة المتخصصة لا تتطلب أكاديمياً سوى إجادة لغتين، وهو أمر على صعوبته يسير من خلال دورات اللغة التي انتشرت في الآونة الأخيرة، ودراسة لبعض أساليب ومدارس الترجمة عبر دورات الترجمة التي تقدمها كثير من مكاتب الترجمة المعتمدة، وثالثاً دراسة تفصيلية في مجالٍ معينٍ. على سبيل المثال، طالب كلية الحقوق يمكنه أن يتخصص في الترجمة القانونية المعتمدة بسهولة بالغة إن كان يتقن اللغة العربية ولغة أجنبية كذلك، فهو يملك بالفعل مهارتين من أصل ثلاث مهارات بجانب الصفات التي ذكرنا قبلاً أهمية أن يتصف بها المترجم. 

رابعا- أدوات الترجمة

ارتدت الترجمة ثوب التكنولوجيا وصرنا بالكاد نعرفها، فهي ليست صديقتنا التقليدية التي لا تتطلب سوى قلمٍ وأوراقٍ، بل صارت تحتاج لِبَرَامِج إلكترونيةٍ والتي يسرت مهمة المترجم وجعلتها أكثر متعة وأقل روتينية:

1) مايكروسوفت أوفيس: 

مجموعة من البرامج التي تقدم باقة مميزة أساسية من الخدمات التي تشمل الكتابة، وحفظ الملفات بسهولة، ومتابعة جميع المشاريع والتقدم الذي يحرزه المترجم في كل منها حتى لا ينسى أحدها، وصندوق وارد لجميع الإيميلات التي قد تُرسل إليه. 

2) القاموس الإلكتروني: 

في الماضي كان هذا اللفظ يعني حمل كتاب ضخم من مكان إلى آخر، فكان الأمر صادماً ومرهقاً. أما الآن، فمواقع كالمعاني تُعَد قاموساً متعدد اللغات، ومعجماً فصيحاً متنقلاً سهل الاستخدام.

3) برامج الترجمة بمساعدة الحاسوب: 

هي باقة من البرامج المميزة التي لا يمكن لمترجم الاستغناء عن خدماتها؛ فهي تحفظ ملفاتك وإن قمت بترجمة نصين متشابهين، ستجعل ترجمة النص الثاني في غاية السهولة عبر تقديم اقتراحات بفضل ملف العمل الأول الذي تحتفظ به. 

اقرأ أيضا: قائمة شاملة بأشهر أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب

4) كونتنلي: 

حين تتقدم لوظيفة ترجمة فأنت لا تتقدم لوظيفة تقليدية ستكتفِ بشهاداتك الأكاديمية والمهني، وإنما سيتم تقييمك حسب مهارتك في الترجمة: فيلزمك حينئذ بورتفوليو يجمع أعمالك حتى تستطيع عرضها عليهم لتقييمك، وكونتنتلي Contently يساعدك في هذا الشأن.

ارتقِ في حياتك المهنية

الآن لديك الكثير لتفعله وتتعلمه، واعلم أن إتقان المهارات التي ذكرناها سلفاً سيجعل منك مترجماً جيداً يُقبل بسهولة حين يتقدم بطلب لوظيفة مترجم في إحدى الشركات، فإن الصفات والمهارات المذكورة هي التي تطلبها شركات الترجمة في غالب الأمر. 

قامت شركة فاست ترانس للترجمة المعتمدة بكتابة هذه المقالة لمساعدة المترجمين في تحسين أدائهم والارتقاء في السلم الوظيفي والمهني.


اترك تعليقاً