التحرير اللاحق للترجمة الآلية

معلومات مفيدة عن خدمة التحرير اللاحق للترجمة الآلية


تتطور التكنولوجيا بوتيرة فائقة السرعة في مجال صناعة اللغات. فمع ظهور أدواتٍ وحلول جديدة باستمرار، من المهم أن يعرف المترجمون كيف يمكنهم أن يستفيدوا بأكبر قدر ممكن من التكنولوجيا، بما في ذلك الترجمة الآلية. لكن بما أن نتائج الترجمة الآلية لا ترقى إلى ترجمة البشر، ظهر التحرير اللاحق للترجمة الآلية.

1) ما هو التحرير اللاحق للترجمة الآلية (MTPE)؟

التحرير اللاحق للترجمة الآلية هو خليط بين الترجمة الآلية والترجمة التقليدية بواسطة البشر. وكما يتضح من اسمه، فإنه يتْبع عملية الترجمة الآلية. وبالتالي، فهو عملية تحرير النصوص المترجَمة آليا على يد المترجمين.

أولاً، تُخرج الآلة ترجمةً أوليةً للملف المعطى لها، فتختصر شوطاً طويلاً من عملية الترجمة. وبمجرد اكتمال الترجمة الأولية، يستلم المترجمون النص لتعديله من أجل تحري الدقة، وسلاسة النص ووضوحه، والتأثير المحلي. وباختصار، يعاينون مخرجات الآلة ويضفون عليها طابع الجودة الذي يمكن للإنسان وحده أن يقدمه.  

في التحرير اللاحق للترجمة الآلية، يقرأ المترجم النص المصدر بدقة ثم يقرأ مخرجات الآلة ويقارنها بالنص المصدر لتحديد الأخطاء وتصحيحها. ويجب على المترجمين أن يولوا اهتماما خاصاً بالقواعد، وعلامات الترقيم، والإملاء، وترتيب الكلمات، والأسلوب، والكلمات غير المترجمة، وأي ترجمة خاطئة محتملة للوصول إلى الصيغة النهائية للنص المترجَم.

تعطي هذه اللمسة البشرية للنص مستوى من الدقة لا يمكن للآلة تحقيقه. ويكتسي هذا الأمر أهمية كبيرة، خصوصاً عندما يحتوي العمل المراد ترجمته على محتوى ذي مستوى عالٍ من التقنية، أو يتناول قضايا ثقافية حساسة، أو يحوي نكاتٍ معينة أو تلاعباً بالكلمات، أو يعكس أسلوباً معيناً مهماً.

يمكن حتى لأمهر المترجمين العمل بسرعة أكبر بصفتهم محررين بدلاً من الترجمة من الصفر، حيث يختصر هذا النوع من الترجمة على المترجم ساعاتٍ من العمل. ويُعد دمج الترجمة الآلية مع التحرير اللاحق من أسرع (وأوفر) الطرق لحصول العميل على نتيجة عالية الجودة.

2) متى يجب على المترجم أن يرفض التحرير اللاحق للترجمة الآلية؟

بعد قراءة مخرجات ترجمة الآلة ومقارنتها بالنص المصدر لمعرفة مدى دقتها، يجب على المترجم أن يقرر سريعاً ما إذا كان تحرير النص الأولي للآلة أكثر فاعلية، أم أن يحذفه ويعيد الترجمة من الصفر.

إن كانت مخرجات الترجمة الآلية جيدة ولا تحتاج إلا تعديلات طفيفة، يمكن حينئذٍ تحريرها. ولكن في حال كانت الترجمة الآلية ذات جودة رديئة وقد تأخذ وقتاً أطول لتحريرها مقارنة بما سيستغرقه إعادة ترجمتها، يجب على المترجم حينئذٍ أن يختار إعادة ترجمة النص.

ومن اللحظات المهمة أيضاً في اتخاذ القرار تحديد ما إذا كانت هنالك أجزاء من ترجمة الآلة تحتاج إلى تعديل أم لا. وسعياً للتأكد من فاعلية العملية، تطلب بعض الشركات من المترجمين أن ينتقلوا للسطر الموالي إن لم يتمكنوا من إيجاد أي خطأ في الجزء المترجم بالآلة في غضون ثوانٍ. ولا تثبت عملية تحرير ترجمة الآلة فعاليتها واختصارها للوقت إلا عندما يستخدم المترجم أكبر قدرٍ ممكن من مخرجات الآلة.

3) المبالغة في التحرير مقابل التقصير في التحرير

تخالف المبالغة في التحرير مبدأ التحرير اللاحق للترجمة الآلية. وهو ما يعني ضرورة تجنب أية تعديلات تفضيلية أو غير ضرورية. وفي حال شعر المحرر بالرغبة في تبديل كلمة بأخرى مقابلة لها في المعنى رغم أن كلتاهما صحيحتان، وجب عليه أن يمتنع عن ذلك. وينطبق هذا الأمر كذلك على إعادة ترتيب الكلمات في اللغات التي لا تستدعي الدقة في ذلك.

وفي المقابل، ينبغي تجنب التقصير في التحرير تماماً. فالتقصير في التحرير يعني ترك الأخطاء في الترجمة، مثل الإخفاق في تصحيح الترجمة المغلوطة، أو عدم اكتشاف الخلل في مواضع علامات الترقيم، أو ترك الترجمة غير سلسة، أو عدم التأكد من استخدام المصطلحات المناسبة.

وبناءً على ذلك، يعد تحقيق التوازن اللازم بين المبالغة والتقصير في التحرير فناً لا يمكن إتقانه إلا بالممارسة.

4) ما أنواع التحرير اللاحق للترجمة الآلية؟

هنالك نوعان من التحرير اللاحق للترجمة الآلية: التحرير الجزئي والتحرير الكامل. ويتفق المترجم والعميل مسبقاً على نوع الخدمة المراد تقديمها. ويتضمن التحرير الجزئي اللاحق للترجمة الآلية تصحيح الأخطاء ومراجعة الاختيارات اللغوية التي قام بها الحاسوب. ويتمثل الهدف من ذلك ببساطة في أن تكون النسخة مفهومة وواضحة.

5) مزايا التحرير اللاحق للترجمة الآلية من وجهة نظر العملاء

يعكس التحرير اللاحق للترجمة الآلية مزايا واضحة من منظور تجاري. ويمكن أن ينجَز العمل المشترك بين الإنسان والآلة بشكل أسرع من عمل المترجم الإنسان لوحده. وهو ما يعني أنه بإمكان الشركات أن تحصل على ترجماتها بشكل أسرع من ذي قبل. وبالتالي، يمكنها التقدم في العمل أياً كانت المشاريع التي تتوقف على تلك الترجمات.

ومع انخفاض الحاجة للتدخل الإنساني، يمكن للتحرير اللاحق للترجمة الآلية أن يسبب انخفاضاً في سعر خدمات الترجمة. فقد لا يكلف الدور الذي تقوم به الآلة شيئاً وفقاً للبرنامج المستخدَم. وبما أن هذا التحرير غالباً ما يكون أسرع من الإنسان لوحده، ترتفع احتمالية انخفاض أسعار المترجمين بشكل كبير.

6) عيوب التحرير اللاحق للترجمة الآلية

تقلّ بالطبع العمليات الخالية من العيوب، ولا يشكل التحرير اللاحق للترجمة الآلية استثناءً. ويعتمد استخدام الحاسوب للقيام بالترجمة على كون النسخة الأصلية في صيغة مناسبة ومقبولة. فمثلاً قد تشكل الملفات المكتوبة بخط اليد عائقاً حقيقياً للترجمة الآلية، حيث يتعين طباعة النص قبل إمكانية ترجمته ثم تحريره. وبالتالي، يضطر صاحب العمل لإنجاز عملية الطبع قبل أن يصبح النص قابلاً للترجمة، ومن ثم للتحرير– وفي مثل تلك الحالة من المرجح أن تكون الاستعانة بمترجم بشري ببساطة أسرع واوفر ليعمل مباشرةً على النسخة الأصلية المكتوبة بخط اليد.

ولا تتناسب ترجمة مقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية أيضاً مع الترجمة الآلية. فمجدداً، محتواها ليس في صيغة مناسبة للحاسوب ليتمكن من العمل عليه، بل يحتاج إلى نسخ. وبالتالي، تشكل مقاطع الفيديو تحدياً إضافياً في حاجتها للتوقيت، حتى يمكن للنسخة المترجمة أن تتطابق مع الصورة على الشاشة. ويعد العنصر البشري في هذه العملية أكثر فاعلية وكافياً، وغالباً ما سيبطئ استخدام الحاسوب سير العملية.

وتشكل الاستمارات وبعض المستندات الخاضعة للتنسيق تحدياً آخر، حيث أن طريقة عرضها تجعل من ترجمتها تحدياً كبيراً. وقد يكون تكليف مترجم بشري للاضطلاع بالعمل أسرع وأكثر فاعلية.

كلمة أخيرة

وفي النهاية، وعلى الرغم من اختيار الكثير من أصحاب الأعمال التحرير اللاحق للترجمة الآلية، يرفض العديد من المترجمين القيام بذلك. ويعد العمل على نسخة تشكل تحدياً من حيث قواعد النحو مهمةً متعبةً. ويتجنب الكثير من المترجمين المحترفين تماماً العمل على تحرير الترجمة الآلية، أو على الأقل حتى تكون أكثر موثوقية من وجهة نظر المترجمين.

اقرأ أيضا: الترجمة الآلية: 8 مواقع بمثابة معاجم ثنائية اللغة

المصادر:

Machine translation vs machine translation plus post-editing

How to master post-editing machine translation

Post-editing machine translation- all you need to know


اترك تعليقاً