تساعد معرفةُ الأخطاء اللغوية الشائعة المترجمَ على تفادي الوقوع فيها خلال الترجمة إلى اللغة العربية. وفي هذا الصدد، تناولَت العديد من المراجع والمواقع الأغلاط الشائعة والأخطاء العامة الواردة في الكتابات العربية. ويأتي هذا الاهتمام برصد الأخطاء اللغوية الشائعة وتصويبها في ظل افتقار بعض المواضِعِ في الكتابة العربية إلى السلامة اللغوية والانتشار السريع لتلك الأخطاء عبر وسائل الإعلام الحديثة والإنترنت.
أولا- لماذا تُرتكب الأخطاء اللغوية؟
قد يرجع سبب الوقوع في مجموعة من الأخطاء اللغوية وسهولة انتشارها إلى مجموعة من العوامل منها البعد عن كتب الثقافة العربية ومحتويات التراث العربي، وغلبة العامية على الفصحى والتعود على الكلمات العامية واعتمادها في الكتابة، ووجود خلل في المناهج التعليمية، وضعف مستوى المترجمين للغة العربية وقلة تمكنهم من هذه اللغة وقواعدها.1
ويُعد كتاب “لحن القول: تصويب وتغليط لألفاظ وجمل شائعة”3 لمؤلفه الدكتور عبد العزيز بن علي الحربي، أستاذ القراءات والتفسير المشارك بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، أحد الإصدارات التي تطرقت لموضوع الأخطاء الشائعة في اللغة العربية. ويُطلَق اللحن على الخطأ في الإعراب وبنية الكلمات واستعمال معانيها. ويحيل اللحن في المجال اللغوي على مسألة الخطأ والصواب في اللغة. وسعيًا للتوضيح، يشبّه الكاتب استعمالَ الرديء عند اللغويين باستعمال المكروه عند الفقهاء.
ثانيا- 18 خطأ من الأخطاء اللغوية الشائعة
ويعرض هذا المقال بعض الأخطاء اللغوية الشائعة التي قد تصادف المترجمَ في عملية الترجمة والواردة في الكتاب المذكور للدكتور عبد العزيز بن علي الحربي.
1) سيما ولاسيما: أيهما من الأخطاء اللغوية الشائعة؟
لاسيما كلمةٌ مركبةٌ و”أداة استثناء تُستعمل لترجيح ما بعدها على ما قبلها، والمشهور استعمالها مع الواو”2. ومن الشائع إسقاط “لا” من “لاسيما”، ولكن هذا الإسقاط يغيّر المعنى. فإذا قلت: تعجبني كتب النحو لاسيما كتاب سيبويه، كان معناه: اختصاص كتاب سيبويه بإعجاب زائد على سائر كتب النحو. فإذا طرحت لا وقلت: سيَّما كتاب سيبويه؛ صار المعنى: مثل كتاب سيبويه. وبالتالي، لا يجب حذف “لا” من سيما.
2) “لعب” دورا بارزا: أحد الأخطاء اللغوية الشائعة
يصنّف الكاتب عبارة “لعب دورا بارزا” ضمن الأخطاء الشائعة جدا. ويشرح سبب تصنيفها من لحن القول في أن اللعب لا يصح إطلاقه إلا على ضد الجدّ. ويحاول تفسير الدافع وراء أول استعمال لهذه العبارة بأن المستعمِل الأول للّعب على هذا النحو قد استحضر خيالُه صورة لاعب ذلك الدور وهو يذهب ويجيء، ويقتنص الفرص ويروغ، ويُعمل الحيلة في تصرّفه، حتى يحقق هدفه. وبالتالي، فهذه العبارة تشبيهٌ باللاعب الذي يسعى إلى تحقيق هدفه. وقد يكون أصل هذه العبارة أيضا الترجمة الحرفية للصيغة اللغوية المقابلة في اللغة المنقول منها.
وأشار إلى أن رأي الأكثرين من شيوخ مجمع اللغة بالقاهرة أن يُقال: أدى دورا، مكان: لعب دورا. ويضيف بأن الذوق يرفض أن يُستعمل اللعب في مقام التدين والمعتقد والجدّ الخالص؛ فلا يقال: لعب في الإمامة دورا بارزا. وبالتالي، الأولى أن يقال: أدى دورا بارزا.
3) الحروف “الأبجدية” من الأخطاء اللغوية الشائعة
صنف الكاتب قول “الحروف الأبجدية” في الأخطاء الشائعة إذا كان يريد بذلك حروف الهجاء (أ، ب، ت،…ي)، لأن حروف “أبجد، هوز…” لها ترتيب آخر غير ترتيب الهجاء. والصواب القول: الحروف المعجمية، أو الهجائية أو الألفبائية أو حروف المعجم، أو حروف الهجاء، أو حروف ألف باء.
4) مديرون أو مدراء؟
لا يصحّ جمع “مدير” على “مُدراء”، وهو الخطـأ الذي يرجع إلى خداع النظائر والألفاظ المشْبِهة كلفظ: وزير، وسفير، وحكيم التي تُجمع على “فُعَلاء”. ولكن هذه الألفاظ على وزن “فعيل” وجمعها “فعلاء”.
وأما “مدير” فهو على وزن “مُفعِل” كمُسلِم، ومُحسِن، ومُريد. وهو ما لا يُجمع جمعا مكسّرا وإنما جمعا سالما ؛ فيُقال: مديرون، ومسلمون، ومريدون… ومما يُجمع على “فُعلاء” ما كان صفة ملازمة مثل عاقل، وفاضل، وصالح. وعليه، فإن جمع مدير هو مديرون.
5) لا تخلط بين التنصّت والتصنّت
يشيع استعمالُ “التصنّت” بتقديم الصاد والنون ليُقصد به الإنصات في استماعٍ. ولكن لا وجود له في السماع ولا وجه له في القياس.
وأما التنصّت، فهو من فعل نَصَتَ الذي يعني: سكت مستمعا؛ يقال: نصت للحديث، وأنصت له. ويُستعمل التنصّت للتعبير عن المبالغة في الإنصات والإنصات من حيث لا يشعر المتكلم كالاستتار لسماع ما يقال. ولذلك فإن الصواب أن يقال “التنصّت” وليس “التصنّت”.
6) تُوفي فلان أو تَوفى فلان؟
نقول عن الميت: تُوفِّي فلان، والمتَوفَّى ولا نقول تَوفَّى فلان، لأن الميت ليس هو فاعل الوفاة؛ بل الفاعل الحقيقي هو الله. ولذلك يُقال تُوفِّي فلان وتوفاه الله. ولكن يحمل لفظ “تَوفى” بالفتح والبناء للفاعل معنى آخر صحيحا وهو توفّى عمرَه وأجلَه.
7) هل يبدَّل الطيب بالخبيث أو الخبيث بالطيب؟
قد يقع الخلط بين ما ينبغي أن تدخل عليه الباء عند استبدال الشيء بشيء آخر. وفي هذا السياق، تدخل الباء في الغالب على المتروك، مثل قول الله تعالى: “اشتروا الضلالة بالهدى”، و”ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب”، و”ومن يتبدل الكفر بالإيمان”.
وأما ما كان من قبيل تغيير الشيء والاستعاضة، مثل بدّلتُ الخاتَم بالحَلَقة، فإن الباء داخلة على المأخوذ لا المتروك. والغالب فيه حذف الباء، مثل قوله تعالى: “بدّلوا نعمة الله كفرا”. وبالتالي، فإن السياق هو الذي يعين المراد.
8) هل أنت متواجد أو موجود؟
يُستعمل الفعل “تواجد” خطأً بمعنى “وجد” فيقال “تواجُدُ المواطنين خارج البلاد” أو “المواطنون متواجدون خارج البلاد”. وهو خطأ لأن معنى “تواجد” هو أظهر الوجد-أي الشغف والحب- أو الحزن. والتواجد: من الوجدان المعبّر عن الاختلاجات في النفس وانفعالاتها. ولذلك، لا تقل أنا متواجد في مكان كذا، بل قل: موجود؛ من الوجود لا التواجد.
9) اجتمع فلان وفلان
يُستعمل في كثير من الأحيان الظرف “مع” في قول “اجتمع فلان مع فلان”. والصواب أن يُستعمل حرف العطف “الواو” ويقال: اجتمع فلانٌ وفلان، لأن الأفعال على وزن “افتعل” -مثل: اجتمع والتقى واختصم- التي تقتضي وقوع الفعل من أكثر من واحد لا يكون العطف فيها إلا بالواو. وهذه الأفعال التي تدل على الاشتراك تفيد المعية. وبالتالي، فإن الصواب أن يقال: اجتمع فلان وفلان.
10) تدخّل القدر أو وقع القدر؟
تدخّل القدر عبارة غير مقبولة، لأن “التدخل يكون ممن لا شأن له في الأصل بما تدخّل به؛ كالمتطفل، أو ممن لا يدخل في الأمر إلا حين يُعيي غيرَه، وكلا الأمرين غير صحيح؛ فالقَدَر واقع بكل حال على أحوال مختلفة، والصحيح أن يُقال: نزل القَدَر، ووقع القدر”.
11) هل هو مرسول من طرف؟
مرسول: لا يُقال مرسول إلا إذا كان الفعل رَسَل، ولكن ليس في العربية رَسَلَ؛ بل أرسل، فهو مرسِل لا راسل، واسم المفعول: مُرسَل لا مرسول، ومن الأخطاء الشائعة: مرسول الحب ومرسول من فلان.
طرف: خطأ شائع آخر اليوم في وسائل الإعلام هو “أنا من طرف فلان، وأُرسلنا من طرفه”. ويعني طرف الشيء في معاجم اللغة: ناحيته وجانبه، ويُستعمل في الأجسام، مثل: طرفي الحبل، وأطراف اللسان. وفي الأزمان، مثل: طرفي النهار. والقطعة من الشيء يُقال لها طرف. وأطراف الإنسان: يداه، ورجلاه، ورأسه، ولسانه. فمن قال: جئتك من طرف فلان، فمعناه: من ناحيته وجهته.
12) أيام الأسبوع: ما بالُ همزة الاثنين؟
يصنف الكاتب همزة القطع في “الاثنين” ضمن الأخطاء اللغوية الشائعة. فهمزة الاثنين همزة وصل وليست همزة قطع “الإثنين”. فالصواب إسقاط الهمزة والنطق باللام المكسورة (الاثنين).
13) أمر لافت وملفت
قل هذا أمر لافت، ولا تقل مُلفت. في القاموس: لفته يلفته: صرفه عن رأيه. ومن الأخطاء الشائعة استعمال هذا الفعل واسم فاعله بصيغة الرباعي فيقال: نُلفِت إلى كذا، وهذا شيء ملفت، في حين يُلفظ ماضيه صحيحا، فيقال: لَفَتَ نظرَه (وليس ألفت)، فيُخلط بين الثلاثي والرباعي.
14) جئنا سويا أو معا؟
لا تقل جئنا سويا بل قل جئنا معا. السويّ يعني غير المعوج، وهو وصف للمفرد.
15) مشاكل أو مشكلات؟
يقال: من المشكل جمع “المشكلة” على “المشاكل” وإنما تُجمع جمعا سالما على “مشكلات” مثل مؤمنة، مؤمنات. ويُجمع على مفاعل أوزان أخرى مثل مَفعل ومَفعِلة مثل مَشرب ومَشارب، مَغرب ومغارِب. ولا يُجمع أصلا اسم الفاعل الذي على وزن مُفعِل جمع تكسير، بل يُجمع جمعا سالما.
16) المتخرجون في الجامعة أو من الجامعة؟
قل تخرّج الطالب في الجامعة، ولا تقل تخرّج منها، لأنه ليس المقصود الخروج، وإنما التدرّج في خروجه منها متعلِّما، وإن لم يخرج منها.
17) الفرق بين إن وإذا
لا تقل سآتيك إن طلعت الشمس، وقل: سآتيك إذا طلعت. إن: تفيد الشكّ وإذا تجزم في المعنى. وإذا قلت: سآتيك إن طلع الفجر، فإن المعنى أن الفجر قد لا يطلع لأن “إن” تفهِم احتمال الوقوع لا تحققه. والصواب أن تقول: سآتيك إذا طلع الفجر؛ أي: حين طلوعه.
18) زبناء أو زبائن؟
لا يجوز جمع زبون على زبناء، لأن فُعلاء يكون جمعا لما كان على وزن فعيل مثل كريم وكرماء، بخيل وبخلاء. وبالتالي، فإن جمع زبون: زبائن.
كلمة أخيرة
وفي الختام، فإن معرفة الأخطاء اللغوية الشائعة تعيننا على تحرير نص سليمٍ لغويا لا يضعف الذائقة اللغوية. وتساعدنا على الإسهام في إثراء المحتوى العربي بلغة عربية سليمة.
اقرأ أيضا: أنواع الأخطاء في اللغة العربية التي يقع فيها المترجم
المصادر:
1- معجم المعاني
3- عبد العزيز بن علي الحربي. (2010). لحن القول: تصويب وتغليط لألفاظ وجمل شائعة. بيروت: دار ابن حزم.