توجد مجموعة من المهارات التي يطورها المترجم مع مرور الوقت مثل سرعة الكتابة والقدرة على التفاوض والتحفيز الذاتي. ولكن هناك مهارات وشروط أساسية لا بد من توفرها في أي مترجم بما في ذلك المبتدئ لأداء عمله بصورة مُرضية. وبالإضافة إلى مؤهلات المترجم الأكاديمية المطلوبة في وظيفة المترجم، يضع العميل مجموعة من الشروط الأساسية التي يفترض أنها تؤهله للترجمة والعمل معه. وعندما لا يجد العميل مؤهلات المترجم الأساسية في الشخص الذي اختاره، قد يفضي ذلك إلى إنهاء التعامل معه نهائيا. فما الذي يؤهل الشخص في المقام الأول ليصبح مترجما؟
-8 شروط أساسية في أي مترجم-
1) إتقان لغتين على الأقل أهم مؤهلات المترجم
يعتبر إتقان اللغتين المصدر والهدف من أهم مؤهلات المترجم الأساسية لإنجاز أي ترجمة. ولا بد من فهم معاني النص الأصلي كاملة، سواء الصريحة منها أو المضمرة، للترجمة بدقة وأمانة. ويشمل ذلك الإتقان إجادة قواعد اللغتين من نحو وصرف للتمكن من فهم بنية الجملة وتطبيق القواعد اللغوية اللازمة لنقل المعنى في قالب سليم. وهو ما يجنّبك الوقوع في الأخطاء النحوية.
ويساعد إتقان اللغتين المترجم على نقل الصياغة الصحيحة والمناسبة وفقاً للمفردات والعبارات المتاحة باللغة الهدف، مما يحد من الأخطاء اللغوية التي قد تؤثر على معاني النص المترجم. لذلك، يجب على كل مترجم أن يسعى دوماً إلى تحسين مهاراته اللغوية لكونه عملية مستمرة وليس هدفا ستحققه ثم تتوقف عن التعلم. فعندما تتوقف عن المطالعة وتطوير لغتك وإثراء رصيدك اللغوي، سينعكس ذلك على وتيرة عملك -التي ستصبح أبطأ- وجودة ترجماتك.
أ) كيف تطور مهاراتك اللغوية؟
- دراسة اللغة وقواعدها،
- المطالعة المستمرة،
- متابعة وسائل الإعلام التي تستخدم لغتك المصدر والهدف.
2) معرفة ثقافة اللغتين المنقول منها وإليها
تعدّ معرفة ثقافة اللغتين المصدر والهدف أحد أهم مؤهلات المترجم الأساسية. فلا يقتصر تحليل النصوص وترجمتها على الكلمات والقواعد اللغوية فحسب، بل يتطلب أيضا معرفة الثقافة والتقاليد والعادات في ثقافة اللغة المصدر والهدف. ويساعد فهم الثقافتين على ترجمة المعاني المضمرة وفهمها فهمًا أفضل، وضمان عدم تعارض الترجمة مع قيم أو تقاليد الجمهور المستهدف. لذلك، يحتاج المترجم إلى الإحاطة بالثقافة المنقول منها وإليها. وتجعل هذه المعرفة المترجم قادراً على تقديم ترجمة دقيقة وفهم النص الأصلي فهما عميقا.
أ) كيف تكتسب المعرفة الثقافية؟
- مشاهدة الأفلام والبرامج الوثائقية التي تعرّف بالثقافتين باللغتين،
- الاطلاع على المصادر التي تعرّف بمختلف الجوانب الثقافية للمجتمعات التي تعنيك،
- حضور الفعاليات الثقافية ذات الصلة.
3) الثقافة الواسعة
إن الثقافة العامة من مؤهلات المترجم الأساسية التي تساعده في فهم المعنى الكامل للنص الأصلي. وإذا لم تكن على دراية بما يجري حولك من أحداث عالمية ومحلية، قد يصعب عليك فهم النص الأصلي. وبالتالي، سيتعذّر عليك اختيار المفردات المناسبة. ولذلك، نجد المطالعة الجانبية من المراحل المهمة في منهجية الترجمة. وتكون هذه المرحلة ضرورية إذا لم يكن المترجم على اطلاعٍ بموضوع النص. وفي هذه الحالة، يضع المترجم النص الأصلي الذي ينبغي ترجمته جانبا، ويتصفح مقالات ومراجع خارجية عن نفس الموضوع باللغة الهدف للإحاطة بالموضوع والمصطلحات المستعملة في ذلك النوع من النصوص. ومن ثم تَظهر أهمية الثقافة الواسعة في تيسير الفهم وتسريع عملية الترجمة.
أ) كيف توسّع ثقافتك العامة؟
- الاطلاع الدائم على المستجدات المحلية والعالمية،
- الانخراط في النشرة الإلكترونية لعدد من وكالات الأنباء ليصلك كل جديد حول العالم،
- الانخراط في مواقع الكتب القابلة للتحميل.
4) معرفة استخدام أدوات الترجمة الضرورية
لا يستغني المترجم اليوم عن أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب وبرامج الأوفيس (مثل الوورد وإكسيل) التي تحمل النص الأصلي. فقد ولى زمن الترجمة بالورقة والقلم. وبما أن أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب متعددة، يُفضل أن تختار أنسبها لك وتتقن استخدامها. وأصبحت إجادة هذه الأدوات شرطا من شروط توظيف المترجم سواء كان مبتدئا أو محترفا. وبما أن عمله يكون على الحاسوب بالكامل، ينبغي أن يحدد القواميس والمعاجم الإلكترونية التي تساعده في عمله لكيلا يحتاج إلى البحث عنها في كل مرة وإضاعة الوقت في ذلك.
اقرأ أيضا: أدوات المترجم: 14 أداة مهمة في عمل المترجم
أ) كيف تطور مهاراتك في استخدام هذه الأدوات؟
- الاستفادة من مقاطع الفيديو التي توفرها مايكروسوفت لإجادة برامجها،
- مشاهدة المقاطع التعليمية على يوتيوب التي تعلّم كيفية استخدام برامج الترجمة التي توفّرها شركات برامج الترجمة نفسها أو قنوات أو مواقع تعليمية أخرى،
- البحث عن حلول للمشاكل التقنية التي تواجهك بالبحث على شبكة الإنترنت.
5) مهارة البحث
تعتبر مهارة البحث أحد مؤهلات المترجم الأساسية التي يجب توفرها في المترجم. فمن خلال هذه المهارة، يمكن للمترجم الوصول إلى مصادر مختلفة وموثوقة لتحليل المصطلحات والمفاهيم التي تحتوي عليها النصوص المراد ترجمتها. وتظهر أيضا الحاجة إلى مهارة البحث عند وجود مشكلة تقنية أو غموض في موضوع النص أو مصطلح جديد. وبعد أن يمكّنك البحث من التعرف على المصطلحات ومعانيها الدقيقة، يمكن أن تحوّل هذه المعلومات إلى نص مفهوم ومترابط. وعليه، فإن مهارة البحث تسهم في تقديم ترجمة دقيقة وعالية الجودة.
أ) كيف تحسّن مهارة البحث؟
- تعلّم الطرق المساعدة على البحث،
- تسجيل مصادرك الأساسية في القائمة المفضلة لتيسير استخدامها،
- الاستعانة بمنتديات المترجمين عند الضرورة لطرح المسائل التي لم تجد لها حلا.
6) الاستعداد للتعلم والصبر عليه
لا تكفي دراسة الترجمة أكاديميا لإتقان الترجمة، بل لا بد من ممارستها والاستفادة من تصحيح المراجعين المحترفين. وينبغي أن يكون المترجم على استعداد لتلقي ملاحظات المراجع وتوجيهاته وتقبّلها. وهو ما يشكل فرصة لتطوير مهاراته وتعلم مهارات إضافية لم يحصل عليها أكاديميا. وقد يكون التطوع في مجال الترجمة أحد الطرق للحصول على المراجعة وتقييم الترجمات. وبما أن الفضول المعرفي من سمات المترجم الذي لا يمكنه قطعًا أن يملك المعرفة المطلقة، فإن الاستعداد للتعلم من المؤهلات الأساسية للمترجم الناجح. فالترجمة ليست مجالا للكسب السريع، بل لا بد أن يتحلى المترجم بالصبر لما يحتاجه من تعلم مستمر وممارسة على المدى الطويل. إن الاستمرار في التعلم يضمن للمترجم النجاح في مجاله ومواكبة التطور الحاصل فيه.
أ) كيف يكون التعلم المستمر؟
- استمرار تطوير مهاراتك اللغوية بالمطالعة ومراجعة القواعد عند وجود لبسٍ بخصوصها،
- تحديد نقاط ضعفك والعمل على تحسينها،
- تعلّم مهارات جديدة تفيدك في توسيع نطاق خدماتك.
7) إدارة الوقت
إن القدرة على إدارة الوقت من مؤهلات المترجم الأساسية التي تساعده على تنظيم وقته بطريقة فعالة بغية تحديد الأولويات، وتلبية متطلبات العملاء في الوقت المتفق عليه. وينبغي أن يكون قادرا على تحديد الإطار الزمني اللازم لإنجاز ترجمته في الوقت المطلوب. فاحترام المترجم الوقت المحدد لتسليم العمل من شأنه أن يكسبه ثقة العملاء ويؤهله لإنجاز المشاريع المطلوبة في وقتها المحدد. ولا يقتصر الالتزام بالمواعيد على تسليم الأعمال فقط، بل يتعلق أيضا بالرد على رسائل العملاء والتواصل معهم بطريقة سريعة وفعالة. لذلك، يجب على المترجم أن يحدد المدة التي يحتاجها لإنجاز كل مهمة ويحسّن مهاراته في التواصل.
أ) كيف تتمكن من تحديد الوقت اللازم للترجمة والتواصل الفعال؟
- تحديد المدة التي تحتاجها لإنجاز الترجمة من خلال تدريبٍ على الترجمة أولا قبل التعامل مع العميل،
- الرد على مراسلات العميل ولو كان ذلك لرفض عرضه.
8) المرونة في التعامل مع العميل
يجب أن يتمتع المترجم بمرونة كبيرة في التعامل مع مختلف أنواع العملاء، سواء كانوا شركات أو أفرادا، وذلك بالتعامل معهم بلباقة واحترافية عالية، واتخاذ القرارات الملائمة لتلبية احتياجاتهم. ونظرا إلى تفاوت احتياجات العملاء ومتطلباتهم، ينبغي أن يكون المترجم على درايةٍ بذلك ويتأكد من فهم المتطلبات الخاصة بكل عميل لكي يسعى جاهداً لتلبية احتياجاتهم بما يتناسب معهم. وتعد المرونة من مؤهلات المترجم التي تمكنه من كسب العملاء.
ولكي يتمكن العميل من الوصول إلى المترجم، لا بد أن يكون له أولا وجود رقمي. ومن الضروري أن يكون حاضرا على شبكة الإنترنت حيث يوجد العملاء باستخدام الطرق المتوفرة كمنصات العمل الحر. فهي تسهّل وصول العميل إليك وتقديم عروض للمشاريع المطروحة فيها. ولا تنس المواقع المهمة الأخرى التي يبحث فيها أرباب العمل عن مترجمين مثل لينكدإن. وتشكل هذه المنصات والمواقع حلا مناسبا عند عدم قدرة المترجم في بداية مساره المهني على إنشاء موقع إلكتروني خاص به. وقد لا يتوفر أيضا على ما يكفي من الأعمال لعرضها فيه.
أ) كيف يمكن تحقيق المرونة في التعامل؟
- الرد على مراسلات العميل في وقت وجيز،
- اقتراح حلول لمشكلات العميل،
- الإجابة على أسئلة العميل خلال المشروع وبعد تسليم الترجمة أيضا،
- تيسير الوصول إليك.
ب) كيف يمكن التسويق لصفحتك وكسب عملاء لأول مرة دون وجود أعمال سابقة؟
- التواصل مع أصحاب المشاريع واقتراح إنجاز العمل مقابل تقييمه،
- التواصل مع جمعيات في محيطك قصد توسيع دائرة معارفك وتنويع معرض أعمالك،
- مشاركة أعمالك التطوعية على صفحتك.
اقرأ أيضا: 11 فكرة تسويقية للمترجمين المستقلين
وفي الختام، فإن مؤهلات المترجم تلك تسهّل عليه دخول عالم الترجمة. ولكن تميزه ونجاحه فيه رهين بمدى قدرته على تطوير مهاراته ومؤهلاته ومواكبته التطور الحاصل في المجال. فالترجمة مجال يحتاج إلى التطور المستمر وهو ما يحدث بفعل الممارسة والاستفادة من ملاحظات المراجعين الأكثر خبرة.
مصادر مفيدة