في عصرنا الحالي، أَصبحَتْ الأجهزة الإلكترونية جزءاً لا يَتجزّأ من حياتنا اليومية، لدرجة أنّنا نقضي معظم الوقت في النظر إلى شاشة الحاسوب أو الهاتف المحمول أو التلفاز. ونجلس في كثير من الأحيان لفترات طويلة أمام الحاسوب. ولكن ما مدى تأثير ذلك على جفاف العين؟
أولا- كيف يحدث جفاف العين؟
يعرّف الرمْش على أنّه إغلاق الأجفان لاإرادياً بشكل متكرِّر. وتَكمن أهميّته في نشر الدمع على كامل سطح العين لترطيبها وحمايتها من الملوِّثات. لكن انخفاض معدَّل حدوثه يَجعل الدمع يَتبخّر بسرعة. وبالتالي، تَخسر العين هذه الطبقة الواقية، ممّا يؤهِّب لجفافها.
يَرمش الشخص الطبيعي عادةً بمعدَّل 12 مرّة في الدقيقة، بينما يَنخفض ذلك بنسبة تَصل إلى 66 في المئة أثناء استخدام الحاسوب، أي تصبِح خمس مرّات في الدقيقة فقط، خاصة عند القيام بأعمال تَتطلّب التركيز الشديد. لكن ما سبب ذلك؟
ثانيا- أسباب جفاف العين الناتجة عن استعمال الحاسوب
فيما يلي أهم أسباب جفاف العين بسبب التحديق إلى شاشات الكمبيوتر:
- الوَهج: يقسم إلى نوعين، المباشر وهو الضوء الذي يَسقط مباشرة على شبكيّة العين. أمّا غير المباشر فيَحدث بسبب انعكاس الضوء على الأسطُح. ويَنتج في هذه الحالة عن شاشة الحاسوب المظلمة جداً أو الساطعة جداً، ممّا يَجعل العين تكافِح لتَلَقّي الصور بشكل مُناسب.
- مكان الشاشةواتّجاهها: في الحالة الطبيعية وعند عدم التركيز على شيء محدَّد، تَنظر العينان مباشرة إلى الأمام والأسفل قليلاً. أمّا عند التحديق في اتّجاه مختلِف، فيجب أن تَعمل العضلات باستمرار للحفاظ على هذا الوضع. وبالتالي، يؤدّي وضع شاشة الكمبيوتر بشكل غير صحيح إلى إجهاد هذه العضلات عند محاوَلتها تثبيت العينين ناحية مكان العَرْض.
ثالثا- ما هي أعراض جفاف العين التي يسبِّبها التحديق إلى شاشة الكمبيوتر؟
قد يعاني الأشخاص الذين يحدِّقون إلى شاشات الكمبيوتر لفترات طويلة من أعراض جفاف العين التالية:
- الحكّة.
- التهيُّج.
- الصداع.
- الاحمرار.
- عدم الراحة.
- تشوُّش الرؤية.
- الشعور بالحرق.
- صعوبة التركيز.
- زيادة إفراز الدمع.
- اضطراب إدراك الألوان.
رابعا- ما هي مواصفات شاشة الحاسوب المريحة للعين؟
للحماية من جفاف العين، ينبغي على شاشة العرض المريحة توفير جميع المواصفات التالية:
1) انحناء الشاشة الملائم لتقليل جفاف العين
وفقاً لبحث أَجرَتْه كلية الطب في جامعة هارفارد، أفاد المشارِكون الذين استَخدموا الشاشة المنحنية أنّهم يعانون من إجهاد أَقلّ للعين مقارَنة بالأشخاص الذين استَعملوا شاشة مسطحة. كما كانت الرؤية غير الواضحة أَقل شيوعاً بمقدار 4 مرّات.
وتزوِّد الشاشة المنحنية المستخدِمين بتجربة فريدة أكثر ومجال رؤية أَوسع. وتخفِّف إجهاد العين من خلال تمكين المستخدِم من مشاهَدة شاشة العرض بالكامل مرّة واحدة. فضلا عن ذلك، فهي تقلِّل تشوُّه الصورة الذي يَحدث تقليدياً على حواف شاشات العرض المسطحة. ونظراً للطبيعة الفريدة لانحنائها، فإنّها تحسِّن إدراك العمق، وتغطّي جزءاً أكبر من مجال الرؤية، ممّا يقدِّم صور كبيرة وواضحة.
2) عمق المنحنى المُناسِب لتجنُّب أعراض جفاف العين
تُقاس معدَّلات انحناء الشاشة المنحنية استناداً إلى “R” أو نصف القطر الذي يَختلف من شاشة إلى أُخرى، ويَتراوح عادةً ما بين 1800R و4000R، حيث تزداد حِدّة الانحناء بانخفاض نصف القطر. وكلّما كان بإمكان العين استيعاب الشاشة بالكامل، كلّما انخفَض الإجهاد المطبَّق عليها.
3) تصميم الشاشة المريح
تؤدّي شاشات العرض الثابتة إلى إجهاد العين، وتيبُّس الرقبة، وألم الظَهَر، إضافة إلى مجموعة متنوِّعة من الأعراض. وفي المقابل، تحسِّن الشاشات المريحة إنتاجية الأشخاص في مكان العمل. فبدلاً من رفْع رأسك وإرهاق عينيك، يمكِنك ضبط الشاشات المريحة بسهولة على زاوية الرؤية المثالية، لأن هذا النوع مزوَّد بميّزات لتعديل الدوران والارتفاع والميلان.
4) مرشِّح الضوء الأزرق للوقاية من جفاف العين
الضوء الأزرق هو نوع من الضوء عالي الطاقة ذو طول موجي قصير، يَنبعث من شاشات الأجهزة الإلكترونية، ممّا يزيد جفاف العين. ويمكِن أيضا أن يَملك تأثيراً سلبياً على النوم، لأنّه يَكبح إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن الشعور بالنعاس وتنظيم الساعة البيولوجية. لذلك استعمِل شاشة مزوَّدة بفلتر للضوء الأزرق، بهدف الحفاظ على نظام الجسم، وتخفيف العبء على العينين.
5) السطوع التلقائي
تحتوي بعض شاشات العرض على مستشعِر ذكي يكتشف تغيُّرات الضوء في المحيط الخارجي، ثم يعدِّل السطوع بناءً على ذلك. فعلى سبيل المثال، يزداد السطوع تلقائياً إذا كان ضوء الغرفة قويا. ويَنخفض في حال وجود إضاءة ضعيفة في المنطقة المحيطة، وذلك بهدف تقليل جفاف العين، والحصول على تجربة بصريّة جيّدة.
نموذج شاشة الحاسوب المريحة للعين:
خامسا- إليك بعض النصائح لتجنُّب جفاف العين
هناك العديد من الطرق للوقاية من جفاف العين الناتج عن النظر المطوَّل إلى شاشات الكمبيوتر، على غرار ما يلي:
- البُعد: لتقليل جفاف العين، يفضَّل وضع الشاشة على بعد 18 إلى 30 بوصة تقريباً.
- مكان شاشة العرض: من المهم إعداد شاشة الكمبيوتر بحيث يَكون الجزء العلوي منها بمستوى العين.
- الوَهج: إمالة الشاشة إلى الخلف قليلاً ما بين 10 إلى 15 درجة كفيل بتقليل انعكاس أضواء السقف على العين. بينما يمكِن وضع ستائر على النوافذ القريبة لتجنُّب الوَهج القادم من الخارج.
- البيئة المحيطة: تؤدي جودة هواء الغرفة دوراً في إجهاد العين، لذلك تَجنّب توجيه المراوح وفتحات التكييف مباشرة نحو وجهك. ابتعِد أيضاً عن التدخين الإيجابي أو السلبي الذي يمكِن أن يهيِّج العين.
- الرمْش بشكل متكرِّر: عملية الرَمْش مهمّة جداً لأنّها تَنشر الدمع على كامل العين، وتَدفع الأوساخ إلى الخارج. لكن معظم الناس لا يدركون أنّهم يَرمشون بشكل أَقلّ عندما يَنظرون إلى الشاشة. لذلك، حاول إغلاق الأجفان إرادياً بشكل متكرِّر عندما تَعمل على الحاسوب.
- الراحة: من الضروري أيضا أخْذ فترات راحة بعد التحديق المطوَّل إلى الشاشة لتجنُّب جفاف العين. وتكمن إحدى الطرق السهلة لتحقيق ذلك في التفكير في الرقم 20؛ فبَعد كل 20 دقيقة من العمل أمام الحاسوب، يجب النظر إلى شيء ما على بُعد 20 قدم، ولمدة 20 ثانية على الأقل. كما يوصى بالحصول على فترات من الراحة التامّة لمدة 20 دقيقة كل ساعتين.
كلمة أخيرة
رغم أن اختيار شاشة حاسوب مريحة قد يَكون مكلِفاً قليلاً، لكن لا شيء يَعلو على الصحّة. كما أنّ الخطوات الموضَّحة أعلاه لا تَتطلّب صرف المال، بل يمكنك ملاحَظة الفرق بمجرَّد تطبيقها لفترة قصيرة.
المصادر