يشكل نقص فيتامين “د” أحد الهواجس التي تلاحق المستقلين الذين يعملون في المنزل على مدار الأسبوع. وبما أنهم غير مضطرين للخروج من منازلهم نحو مقر العمل -كما هو حال الموظف- ولا يجدون سببا لذلك، فإنهم يفوتون فرصة التعرض لأشعة الشمس. وبالتالي، لا يحصلون على ما يكفي جسمهم من فيتامين د.
وأضحى نمط الحياة المعاصرة يتسم بالعمل وممارسة أنشطة مختلفة داخل الأماكن المغلقة. وبذلك قلّت فرصة التعرض لأشعة الشمس. وقد لا يدرك العديد من الأشخاص بسهولةٍ أن جسمهم بحاجة إلى فيتامين د. ويغفل الكثيرون عن أهمية توفر الجسم عليه رغم ظهور بعض العلامات التي تدل على نقصه. ولكن يمكن أن تدخل بعض العادات البسيطة في نمط حياة المستقل لكي تضمن له حصول جسمه على القدر الكافي منه.
ويعرض هذا المقال أهمية الفيتامين د، وثماني علامات تدل على نقصه، وأسباب ذلك النقص والأضرار التي يخلفها. ثم يقدم ثلاث طرق بسيطة لتعويض ذلك النقص.
أولا- أهمية فيتامين د في الحفاظ على صحتنا
الفيتامين د (كالسيفرول) هو هرمونٌ يصنعه الجسم عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس ومادةٌ مغذيةٌ نحصل عليها عند تناول مجموعة من الأغذية. ويبقينا الفيتامين د بصحة جيدة ويقينا مجموعة من المشكلات الصحية الموضحة أسفله. ويعزز النظامَ المناعيَّ لتمكين الجسم من محاربة الفيروسات والبكتيريا التي تُسبب الأمراض. ويساعد الجسمَ على امتصاص المعادن المهمة مثل الكلسيوم والفسفور. ويحافظ على قوة العظام ويحميها من الهشاشة.(1)
وتختلف الكمية المُمتصة من فيتامين د باختلاف لون البشرة والسن والفصل. ويملك أصحاب البشرة الداكنة كمية أكبر من الميلانين التي تقوم بدور الواقي الشمسي الطبيعي مقارنة بأصحاب البشرة الفاتحة. ولذلك يكون تحويل أشعة الشمس إلى فيتامين د أفضل لدى الأشخاص الأصغر سنا وأصحاب البشرة الفاتحة مقارنة بذوي البشرة الداكنة والمسنين. وتكون أشعة الشمس ضعيفة خلال فصل الشتاء. ولكن الجسم يخزن الفيتامين د الممتص خلال التعرض لشمس فصل الصيف. ويقل امتصاصه أيضا بسبب استخدام واقي الشمس وارتداء ملابس تغطي الجسم كاملا. (2)
ثانيا- 8 علامات تدل على نقص فيتامين د
قد لا يدرك العديد من الأشخاص نقص فيتامين د لديهم. ولكن توجد بعض العلامات التي قد تدل على نقصه، وهي كالتالي:
– الإصابة بالأمراض أو العدوى بسهولة: إذا كنت تصاب بنزلات البرد بصورة متكررة، فقد يعني ذلك أنك تعاني من نقص فيتامين د؛
– الشعور الدائم بالتعب غير المبرر؛ (3)
– آلام أسفل الظهر وآلام العظام، ولاسيما على مستوى الساقين أو المفاصل؛ (4)
– آلام العضلات: توجد مستقبلات فيتامين د في الخلايا العصبية. وأظهرت دراسة أن نقص فيتامين د يؤدي إلى الإحساس بالألم بسبب تهيج تلك الخلايا في العضلات؛ (5)
– تغيرات في المزاج مثل الاكتئاب: أظهرت بعض الدراسات أن إعطاء الفيتامين د إلى الأشخاص الذين يعانون من نقصه يساعد على تحسين حالة الاكتئاب، بما في ذلك الاكتئاب الموسمي الذي يحدث خلال الأشهر الباردة؛ (6)
– بطء التئام الجروح بعد إجراء عملية أو الإصابة بجرح: أظهرت دراسة أن الفيتامين د يزيد إنتاج المكونات التي تشكل جلدا جديدا كجزء من عملية التئام الجروح. وأظهرت دراسة أخرى أن نقص الفيتامين أثر سلبا على التئام الجروح لدى المرضى الذين خضعوا لجراحة الأسنان. وبالتالي، فهو مهم في السيطرة على الالتهاب ومقاومة تلوث الجرح خلال رحلة الشفاء؛ (7)، (8)
– ضعف العظام: نقص كثافة المعادن في العظام دليل على أن عظامك تفتقر إلى الكلسيوم ومعادن أخرى. وقد يكون دليلا على نقص فيتامين د الذي يعد مهما للحفاظ على كثافة العظام؛
– تساقط الشعر بكثافة عند النساء: أظهرت دراسات وجود علاقة بين نقص فيتامين د وتساقط الشعر عند النساء، نظرا إلى دور الفيتامينات والمعادن في النمو الطبيعي لبصيلات الشعر. وقد يكون نتيجة نقص في التغذية. (9)، (10)
ثالثا- أسباب نقص فيتامين د
– عدم الحصول على ما يكفي من الفيتامين د من التغذية: قد لا يمتص الجهاز الهضمي ما يكفي من الفيتامين د. وقد تؤثر بعض المشاكل الصحية، مثل أمراض الجهاز الهضمي، في قدرة الأمعاء على امتصاص الفيتامين د من الطعام.
– عدم التعرض بما يكفي لأشعة الشمس: يتعلق الأمر بالأشخاص الذين يلازمون بيوتهم ونادرا ما يخرجون ويتعرضون للشمس.
– أمراض الكبد والكلى: تقلل هذه الأمراض من كمية الأنزيم الضروري لتحويل الفيتامين د إلى شكل يستخدمه الجسم. ويؤدي نقص ذلك الأنزيم إلى عدم حصول الجسم على مستويات كافية منه. وفضلا عن ذلك، تكون الكليتان أقل قدرة على تحويل الفيتامين د إلى شكله الفعال وبالتالي يزيد خطر نقصه.
– تناول بعض الأدوية: تحول بعض الأدوية دون تمكن الجسم من تحويله أو امتصاصه.
– السمنة: تحبس الخلايا الدهنية فيتامين د وتمنع إفرازه.
رابعا- الأضرار الصحية الناجمة عن نقص فيتامين د
عندما لا يتمكن الجسم من امتصاص المعادن، قد يؤدي إلى ظهور المضاعفات التالية:
– ضعف العظام وهشاشتها؛
– أمراض القلب؛
– بعض أنواع السرطان مثل سرطان القولون والبروستات والثدي؛ (11)
– أمراض الجهاز المناعي؛
– داء السكري من النوع 1؛
– ارتفاع ضغط الدم؛
– مرض التهاب الأمعاء؛
– الاضطرابات المعرفية.
وقد يساعد الحفاظ على المستويات الكافية من الفيتامين د خلال الحياة على تفادي الاضطرابات العصبية المرتبطة بالتقدم في السن. (12)
خامسا- 3 طرق بسيطة للحصول على فيتامين د وتعويض نقصه
يكمن الهدف من تناول مصادر الفيتامين د في الحصول على المستوى الكافي منه في الجسم. ويوجد نوعان من الفيتامين د: فيتامين د 2 الذي يأتي من الأغذية النباتية والمكملات؛ وفيتامين د 3 الذي يأتي من الأغذية الحيوانية مثل السمك والبيض والكبد، ويمكن إنتاجه داخليا عندما تتعرض بشرتك لأشعة الشمس.
ويمكن الحصول على فيتامين د بثلاث طرق:
1- عبر الجلد:
يُنصح بتعريض الذراعين والساقين للشمس لمدة 10-15 دقيقة ليومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع. ولا بد من التنبه إلى أن استخدام واقي الشمس والوقوف خلف النافذة لا يمكّن الجلد من إنتاج الفيتامين. ويصنع الجسم الفيتامين طبيعيا بعد التعرض لأشعة الشمس دون إفراط، لأن الإفراط يؤدي إلى مشاكل صحية مثل شيخوخة الجلد وسرطان الجلد. (13)، (14)
ويمكنك أن تتعود على التعرض للشمس في مكان تصله أشعتها في منزلك، لبضع دقائق خلال إحدى فترات استراحتك التي تفصل بين ساعات الجلوس المستمر.
2- عن طريق الأكل:
يُنصح بتناول الأسماك مثل السلمون والتونة والإسقمري، وكبد البقر، وصفار البيض، وزيت كبد السمك، والفطر، ومنتجات الألبان. ويمكنك أن تُدخل هذه الأغذية في برنامجك الغذائي الأسبوعي وتحرص على الالتزام بهذا البرنامج لكي يحصل جسمك على ما يكفيه من الفيتامين د.
ويمكن أن تصبح هذه المأكولات عادة غذائية أسبوعية. وسيساعدك كثيرا تحديد برنامج أكلك مسبقا قبل بداية الأسبوع وتدوينه في ورقة وتعليقه في مطبخك على الالتزام به.
3- المكملات:
عندما لا يستجيب تناول الأغذية لوحدها للكمية الموصى بها يوميا منه، يعطَى بعض الأشخاص المكملات الغذائية. ولكن قد يكون الحصول على أكثر من اللازم مضرا أيضا للجسم ويؤدي إلى ارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم الذي يؤدي بدوره إلى مشاكل صحية. وهو ما يحدث في أغلب الحالات عند الإفراط في استخدام مكملات فيتامين د. (15)
ولذلك، ينبغي دائما استشارة الطبيب قبل تناول مكملات الفيتامين د لتحديد الكمية الموصى بها في حال كنت بحاجة إليها.
مصدر الصورة: Unsplash