شات جي بي تي

تقنية شات جي بي تي…هل تهدّد مهنة المترجم؟


تناول الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة قدرة تطبيق شات جي بي تي على الترجمة بشكل تفوّق على ترجمة غوغل وغيرها من برامج الترجمة الآلية. وشات جي بي تي (ChatGPT) هو روبوت أو برنامج طورته شركة أوبن أي آي بحيث يعمل باستخدام الذكاء الاصطناعي. ويجيب على أسئلة المستخدم على نحو سريع وتفصيلي. ويكتب مقالات شبيهة بالنصوص البشرية حسب الطلب. ويعتمد في ذلك على كميات ضخمة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر.

وأشاد بعض المترجمين بأنفسهم بقدرة التطبيق على مساعدتهم في تقديم ترجمة أولية بسرعة ووضوح مذهلين. ومع أن تطبيق شات جي بي تي لم يُصمم خصيصا للترجمة، إلا أنه قادر على الترجمة عندما يُطلب منه ذلك. وما قد يُسهم في تفوّق ترجماته هو إمكانية مدّه بالسياق ونوع النص ومعلومات مساعدة أخرى1. وهو ما لا تتيحه باقي الترجمات الآلية. كما أنه قادر على تقديم ترجمات تلخيصية.

ويتطرق هذا المقال إلى وجهة نظر بعض مستخدمي هذه التقنية بشأن مدى جودة ترجماتها بناءً على تجاربهم وتحليلهم لها.

فوائد استخدام تطبيق “شات جي بي تي” في الترجمة

تطرق مقال على موقع الجزيرة إلى فوائد استخدام تقنية شات جي بي تي (ChatGPT) في الترجمة. ويتمثل أحد أكبر مزاياها في سرعتها، فهي أسرع بكثير من الترجمة البشرية. ويمكنها ترجمة النصوص في بضع ثوانٍ فقط مهما كان حجم النص الأصلي. إضافة إلى ذلك، فإنها ستقلل من تكاليف خدمات الترجمة من وجهة نظر العميل. ومع ذلك، يرى الكاتب أن التدخل البشري لا يزال ضروريًا للحصول على ترجمات دقيقة نظرًا إلى أن الترجمة الآلية لا يمكنها التعامل مع تفاصيل اللغة. ويقترح الكاتب بعض الاستخدامات المفيدة للتطبيق في عملية الترجمة، مثل استفادة المترجم من سرعته في إنتاج الترجمة باعتماد ترجمته الأولية وإدخال بعد ذلك تعديلاته عليها. 

مواطن إخفاق التطبيق في الترجمة

قارن الباحث أحمد السميك في المقال المذكور بين ترجمة تطبيق شات جي بي تي والمختصين في مجال الترجمة. ويرى أن الترجمات المتخصصة مثل الترجمة القانونية والطبية غالبًا ما تستخدم مصطلحات معقدة وتلتزم بإرشادات تنسيق صارمة تختلف من بلدٍ لآخر. لذلك، يتطلب هذا النوع من المحتوى تحريرًا وتعديلا مكثفين عند الترجمة لتتناسب مع متطلبات الجهة المستهدفة، وهو ما قد لا يتمكن التطبيق من القيام به. وعلاوة على ذلك، فإن المخاطر كبيرة مع هذا النوع من الترجمة. وذلك راجع إلى العواقب المالية والقانونية الوخيمة التي قد تفضي إليها الأخطاء المرتكَبة فيها. ولذلك، يصبح الخيار الأفضل في هذه الحالات هو الوثوق بمترجم بشري محترف.

اقرأ أيضا: أنواع الترجمة… هذه أبرزها حاليا في سوق العمل

مخاطر استخدام تطبيق “شات جي بي تي” في الترجمة

تحدث الكاتب أيضا عن المخاطر المتعلقة بأمن البيانات التي تُطرح عند استخدام التطبيق لأنه تطبيق مفتوح المصدر. ويشكل هذا الأمر تهديدًا أمنيًا كبيرًا على مستخدميه نظرا إلى إمكانية الوصول إلى رمز التطبيق وتعديله. وهو ما يمكّن القراصنة من اختراق أجهزة المستعملين والوصول إلى بيانات العميل الحساسة. وهذا يعرض بياناتك للخطر وينتهك خصوصية العميل وبالتالي يمكن أن يضر بسمعتك. وهو ما يتعارض مع أخلاقيات المترجم التي تحتم على المترجمين عدم إفشاء المعلومات الواردة في الوثائق. وهنا تظهر أهمية الاستعانة بمترجم بشري محترف لضمان السرية التامة وتأمين الترجمات.

اقرأ أيضا: 6 طرق مهمة لحماية حاسوبك وبيانات عملائك

شركات التكنولوجيا والترجمة تختبر فاعلية تطبيق شات جي بي تي

أنجزت شركات تكنولوجية دراسات2 للتحقق من جودة ترجمة التطبيق. وقارنتها بالترجمات الآلية مثل ترجمة غوغل وسيستران وغيرهما. وخلصت إلى أن تطبيق شات جي بي تي يُنتج الترجمة بجودة تنافسية للغاية بالنسبة للغات التي تتوفر على موارد كبيرة منها. وعليه، فإن جودة الترجمة تعتمد على مدى توفر الموارد بلغات الترجمة. وعلى الرغم من الجودة الملحوظة، إلا أن إحدى الشركات وجدت في دراستها لترجمات التطبيق أخطاءً في الترجمة مثل الإسقاط وأخطاء مصطلحية ونحوية. وأشارت إحدى تلك الدراسات أيضا إلى أن الترجمات المتخصصة التي ينتجها التطبيق في المجال القانوني والصحي مثلا “لا ترقى إلى المستوى المطلوب”. وفي المقابل، فإن ترجمة غوغل لتعليقات موقع ريديت مثلا أفضل من نظيرتها على تطبيق شات جي بي تي .

وتتماشى هذه النتائج مع إجابة التطبيق ذاته بخصوص قدراته في الترجمة. ويشير في إجابته إلى أنه قد لا يكون دقيقا كأداة ترجمة متخصصة أو مترجم محترف. وأضاف أنه قد لا يستطيع ترجمة مصطلحات تقنية أو متخصصة ترجمةً دقيقةً مع أنه قد يكون مفيدا لإنجاز مهام الترجمة البسيطة. ولكنه قد يساعد على تقليل المدة الزمنية والتكلفة المرتبطتين بالترجمة. وهو ما قد يكون مفيدا للمترجم من أجل العمل بفاعلية وسرعة أكبر.

وتخلص إحدى شركات الترجمة3 إلى النتيجة نفسها بكون تطبيق شات جي بي تي أفضل في نتائج ترجمته النصية من الترجمات الآلية الأخرى الأقدم في السوق. ومع ذلك، ترى أن أي تقدم تحرزه تكنولوجيا الترجمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لا يفيد المترجم إلا جزئيا، لأنها ستمكنه من تقديم ترجمة سريعة وجيدة شريطة استخدامها بالطريقة المناسبة عن طريق مثلا مراجعته ترجماتها وتصحيح أخطائها وإدخال التعديلات اللازمة. 

كلمة أخيرة

وفي الختام، تتفق جميع المقالات على أن تقنية شات جي بي تي تظل آلة بحاجة إلى تدخل الإنسان على الرغم من تفوقها على باقي أدوات الترجمة الآلية في حالات كثيرة. وهذا قد يعني زيادة الطلب على المراجعة. ولكن، لا يُنصح بالاعتماد عليها في ترجمة الوثائق التي تضم معلومات سرية أو حساسة. ومع ذلك، قد تكون خيارا أقل تكلفة للعملاء من أفراد وشركات صغرى لتقليل نفقاتهم المرتبطة بالترجمة. وهو ما يدفع المترجم البشري إلى التفكير بجدية في تطوير مهاراته لمواكبة التطور الحاصل بما أن الترجمة الآلية في تطور مستمر أيضا.

اقرأ أيضا: 10 ممارسات مساعدة على تطوير مهارات الترجمة


اترك تعليقاً