تحدثتُ في مقال سابق عن تنظيم وقت المترجم المستقل. وبعد تحديد أهداف اليوم والمهام المرتبطة بها، تُطرح تلقائيا بعد ذلك مسألة الالتزام بالجدول اليومي. ولتنظيم الوقت، نذكّر بأن المترجم يحتاج في البداية إلى تحديد الوقت الذي يلزمه فعليا لإنجاز كل مهمة من المهام المحددة في الجدول اليومي المسطَّر.
وكلما مرت الأيام وعدّل المترجم مهامه حسب الوقت اللازم لإتمامها والفترة الزمنية الملائمة، أصبح البرنامج أكثر واقعية وقابلا للتطبيق. ولكن بعد أن يتمكن المترجم من تحديد المهام التي ينبغي أن يقوم بها خلال يومه وتحديد الوقت اللازم لذلك، هل هذا يعني أنه سيلتزم بجدوله اليومي؟
بما أن المترجم المستقل يعمل في كثير من الأحيان من منزله، فإن المرونة التي يتميز بها عمله قد تحول دون إتمامه كافة التزاماته المحددة في برنامجه اليومي مثل القيام بالأنشطة الرياضية وتناول الوجبات الغذائية في موعدها. ونعني بالمرونة إمكانية تقليص ساعات العمل أو زيادتها. وقد تؤدي هذه المرونة لا شعوريا إلى زيادة ساعات العمل. وفي هذا الصدد، قدم مقال نُشر في جريدة نيويورك تايمز بعض النصائح التي تساعد العاملين المستقلين على الالتزام بالجدول اليومي وضبط وقتهم، وهي كالآتي:
أولا- حدد ساعات عملك بناء على ساعتك الداخلية:
قد تكون أكثر إنتاجية في الصباح الباكر أو قُبيل الظهر. حدد خلالها ساعة بداية العمل ونهايته. وبدَل أن تبدأ العمل مباشرة بعد الاستيقاظ، قد تكون بحاجة إلى أن تعد وجبة الغذاء والرياضة والاستحمام في الساعات الأولى من الصباح لتبدأ يومك بكل نشاط. فهذه المهام التي تقوم بها قبل بدء العمل تعطيك الوقت الكافي لتتيقظ. وينطبق هذا الأمر على نهاية اليوم مثل إغلاق الحاسوب ومغادرة المكتب المنزلي وإغلاق بابه من أجل التوقف عن العمل في الوقت الذي حددته مُسبقا.
وينتج عن هذا الإجراء الحفاظ على توقيت نومك لكي تتمكن من الاستيقاظ في اليوم الموالي في الوقت المحدد له بعد أخذك القسط الكافي من النوم. فعندما يكون الجسم متعبا ومحتاجا إلى الراحة، فإنه لن يساعدك على التركيز في ترجماتك وستحتاج إلى وقت أكبر لإنجاز أعمالك.
ثانيا- اضبط منبها يرافقك في عملك:
عندما تجد صعوبة في الالتزام ببرنامجك المسطر، اضبط المنبه ليذكرك ببداية كل مهمة ونهايتها. واضبط المنبه ليذكرك أيضا بأوقات الاستراحة والأكل والرياضة وغيرها. فمن غير المعقول أن تعمل لثماني ساعات متتالية أو أكثر دون توقف. ولذلك ينبغي أيضا أن يذكرك بأوقات الاستراحة. ومع مرور الوقت، قد يصبح هذا البرنامج روتينيا لا تحتاج معه إلى منبه. ولكن عندما تكون في بداية تتبع برنامجك، سيساعدك المنبه في تفادي الجلوس أمام الحاسوب لساعات طويلة دون توقف. وتوجد بعض التطبيقات الخاصة بإعداد برنامج العمل اليومي أو الأسبوعي الكفيلة بمساعدتك على تذكر توقيت كل مهمة.
ثالثا – راقب وقتك وحدد أين يضيع:
قد تتساءل عن سبب عدم تمكنك من الالتزام بوقتك وبرنامجك رغم كل المحاولات السابقة التي قمت بها. وأمام هذا الوضع، ينبغي أن تعيّن رقيبا عليك يخبرك بما تقوم به. ولهذه الغاية، قد تحتاج إلى تحميل تطبيق تتبع الوقت مثل ريسكيو تايم. ويراقب هذا التطبيق آليا المواقع الإلكترونية التي تزورها ويعطيك تقريرا عنها. وهكذا ستعرف كيف تمضي وقتك وما إذا كان الوقت يسرقك في لحظة ما أمام الحاسوب دون أن تشعر بذلك. فإذا تحولت استراحة نصف ساعة إلى ساعتين، سيخبرك التطبيق بذلك لتتفاداه مستقبلا. وهكذا ستتمكن من إرشاد يومك وإعادة تنظيمه على نحو أمثل.
وفي غياب مدير يُسَائلك عن وقتك ويحاسبك على إنتاجيتك، يبقى المترجم المستقل المسؤول الأول عن وقته ومدى تنظيم يومه والتزامه بالآجال المحددة فيه. ولهذه الغاية، قد يستعين بعدة تطبيقات مجانية تساعده على التنظيم والمراقبة الذاتية.