هل أنت من محبي الأدب الفرنسي؟ هل تقدّر جمال الترجمة وقوتها؟ أيروقك قراءة ما يُقال من كلام عن الترجمة؟ لقد جمعنا في هذا المقال بعض الاقتباسات من مؤلفين فرنسيين مشهورين وكلامهم حول موضوع الترجمة. ألق نظرة على ما قاله هؤلاء المؤلفون حول الترجمة بين اللغات، انطلاقا من فيكتور هوغو ووصولا إلى مارغريت يورسينار.
1) كلام فيكتور هوغو عن الترجمة
فيكتور هوغو (Victor Hugo) شاعر وروائي وسياسي وكاتب مسرحي فرنسي شهير عاش خلال القرن التاسع عشر. اشتهر بأعماله مثل البؤساء (Les Misérables) وأحدب نوتردام (Notre-Dame de Paris). كان يرى ضرورة النظر إلى الترجمة باعتبارها جسرًا بين لغتين عندما قال: “المترجم جسرٌ بين عالمين”. وتحدّث عن أهمية القدرة على فهم جوهر العمل ونقله من لغة إلى أخرى حينما قال في كلامٍ عن الترجمة: “الترجمة هي فن فهم لغة أمة ما في لغة أخرى”. وأكد أيضًا أهمية الترجمة في مساعدة الناس على فهم جمال لغة ليسوا على دراية بها1.
2) نظرة بول فاليري حول الترجمة
كان بول فاليري (Paul Valéry) شاعرًا وكاتب مقالات وفيلسوفًا فرنسيًا في أوائل القرن العشرين. وكان مهتما بالترجمة وقادرا على الترجمة وتحليل الترجمات التي يقرؤها بكل تفاصيلها. وكانت وجهة نظره في الترجمة أنها شكلٌ من أشكال الفن، وأنه لا يمكنها أن تكون مثالية على الإطلاق. وقال في سياق كلام عن الترجمة: “الترجمة هي إنتاج أثر مماثل بوسائل مختلفة“2. وبما أنه كان شاعرا، فقد رأى أن ترجمة الشعر إلى لغة أخرى، غير لغته الأصلية، يؤدي إلى فقدانه قدراً غير قليلٍ من قيمته الحقيقية. ولذلك، اعتبر أن “الإخلاص للمعنى وحده في الترجمة هو نوع من الخيانة”. ولهذا يعتقد فاليري أن الترجمة تدور دائمًا حول تقديم التضحيات. وخضعت أفكاره حول الترجمة للدراسة والمناقشة على نطاق واسع على مر السنين، مع استخدام العديد من اقتباساته كمصدر إلهام لمترجمي العصر الحديث.
3) آراء فرانسوا رينيه دو شاتوبريان عن الترجمة
كان فرانسوا رينيه دو شاتوبريان (François–René de Chateaubriand) كاتبًا وسياسيًا ودبلوماسيًا ومؤرخًا فرنسيًا كان له تأثير ملحوظ على الأدب الفرنسي. وأنجز بنفسه ترجمة قصيدة “الفردوس المفقود” للشاعر الإنجليزي جون ميلتون. ومن أقواله في هذا السياق: “لا يحق للمترجم تغيير النص؛ يجب أن يظل مخلصًا له”. وأضاف في حديثه عن ترجمته: “لا يحق للمترجم الحصول على المجد، بينما يلزمه إظهار تحليه بالصبر واللين والاجتهاد“. وتعد وجهات نظره حول الترجمة ملهمة مثل عمله. ويرى شاتوبريان أن الترجمة يجب أن تحافظ على المعنى الأصلي وسياق العمل، مع جعلها في متناول قراء اللغة التي تُرجم إليها. وأضاف بأن المترجمين يجب أن يجتهدوا ليكونوا مخلصين للنص الأصلي قدر الإمكان، مع السماح للقارئ بتجربة قراءة سلسة وممتعة. ومن المهم -في نظره- مراعاة الاختلافات الثقافية بين اللغات عند الترجمة، حيث يمكن أن يكون لذلك تأثير كبير على كيفية تفسير العمل3.
4) نظرة فولتير تجاه الترجمة
كان من المعروف أيضًا أن فولتير (Voltaire)، الفيلسوف والكاتب الفرنسي في القرن الثامن عشر، قد كتب عن الترجمة. وتصنِّف آراؤه حول الترجمة جودة الترجمة إلى ثلاثة مستويات: ترجمة رديئة تقتل المعنى وضعيفة تضعفه وجيدة تحْييه4. وفي هذا السياق، قال: “اللعنة على صناع الترجمات الحرفية الذين يجعلون كل كلمة تُضعف المعنى! وبذلك يمكننا القول إن الحرف يقتل والروح تُعطي الحياة”5. وتَظهر نظرته جليا للترجمة حينما قال: “الترجمات تزيد من عيوب العمل وتفسد جماله“. وكان من أنصار استحالة ترجمة الشعر عند قوله: “من المستحيل ترجمة الشعر. هل يمكنك ترجمة الموسيقى؟”.
5) وجهة نظر مارغريت يورسنار عن الترجمة
قدمت الكاتبة الفرنسية مارغريت يورسنار (Marguerite Yourcenar) عدة مساهمات في الخطاب حول الترجمة. وكانت يورسنار روائيةً مشهورةً وكاتبة قصص قصيرة ومقالات؛ أشهر روايتها هي مذكرات هادريان. وترجمت بدورها عددًا من الأعمال إلى اللغة الفرنسية، ولذلك ذكرت أن “الترجمة كتابةٌ”. فقد أصبح المترجم في نظر يورسنار كاتبًا آخر للنص بمجرد إعادته كتابة النص بلغة مختلفة. واعتقدت أن الأمر يتطلب حسًّا فنيًّا جيدًا لتحقيق التوازن بين شخصية اللغة الأصلية ومنحها حياة جديدة بلغة مختلفة. وهكذا، من الواضح أن مارجريت يورسينار كان لديها تصورٌ تجاه الترجمة الأدبية نابعٌ من تجربتها6.
وفي الختام، يذكّرنا هؤلاء المؤلفون الفرنسيون في كلامهم عن الترجمة بالجانب الفني للترجمة وتعقيدها وجمالها، ولاسيما حينما تتعلق بعمل أدبي. وتُبرز آراؤهم إمكانية ربط عالمين مختلفين على الرغم من عدم القدرة على نقل كل الفروق الدقيقة والتفاصيل خلال الترجمة. وفي حين أن الترجمة يمكن أن تساعد في سد الفجوات الثقافية، يجب أن تظل أيضًا وفية للقصد الأصلي للمؤلف.
اقرأ أيضا: أقوال عن الترجمة
أبرز أقوال بعض المؤلفين والمفكرين عن الترجمة والمترجمين