يؤدي المترجم دورًا هامًّا في نقل المعلومات من لغة إلى أخرى وتمكين عملية التواصل من خلال ترجمة النصوص لتكون مفهومةً للقارئ المستهدَف. وهو شخصٌ قادرٌ على تحليل النصوص وفهم سياقها ونقلها إلى لغة يجيدها بحيث تؤدي ترجمته الغرض المرجو منها، وقد تتفوق ترجمته على النص الأصلي. ولذلك، فهو ليس مجرد شخص يتحدث اللغة الأجنبية بطلاقة. ولا تقتصر مهمة المترجم في بعض أنواع النصوص على نقل المعنى، بل تشمل أيضا نقل تأثير تلك النصوص على القارئ مثل النصوص التسويقية.
ولذلك، يُنظر إلى الترجمة باعتبارها علما وفنا على السواء. فالمترجم فنان في إيصال معاني النص المصدر على نحو كامل وسليم للقارئ بسلاسة ووضوح. وهنا يظهر الجانب الإبداعي لوظيفة المترجم بانتقاله برشاقة من لغة إلى أخرى مختلفة تماما دون الإخلال بالمعنى الأصلي أو التأثُّر بالصيغة اللغوية الأصلية.
وفي عالمنا الذي أصبح أشبه بقرية صغيرة، أضحت الترجمة وسيلة ضرورية لتحقيق الأهداف المسطرة. فالشركات تستخدمها لتحقيق أهدافها ببيع منتجاتها لأوسع شريحة ممكنة. وتعتمد عليها المنظمات لإيصال رسالتها على أوسع نطاق ممكن. وفي ظل هذه المعطيات، يمكن الحديث عن مميزات وظيفة المترجم لمن يفكر في اختيار الترجمة مهنةً له.
مميزات العمل في مجال الترجمة
1) تنوع العمل وتحدي الملل من مميزات وظيفة المترجم:
تتحدى هذه الوظيفة الملل نظرا إلى أن المترجم يتطرق لمواضيع مختلفة ونصوص متجددة في كل مشروع للترجمة. وهو ما يعني مواجهة تحديات جديدة مرتبطة بطبيعة النص مثل المصطلحات الجديدة والمعاني المضمرة. وعندما تجد الحلول لتلك التحديات وتتمكن من تجاوزها، سيغمرك شعورٌ بتحقيق إنجاز عظيم لتمكّنك من القيام بمهمة الترجمة بنجاح.
2) التعلم المستمر مع كل مشروع ترجمة:
يكتسب المترجم معلومات جديدة في كل مشروع ترجمة. وتترافق مع الترجمة عملية البحث التي تساعده على فهم النص وأهدافه ومصطلحاته. ومع مرور الوقت، تتسع معارف المترجم ومداركه نظرا للقراءات الجانبية التي ترافق عملية الترجمة. وهو ما يُعتبر من مميزات وظيفة المترجم.
3) تحسين مستوى لغاتك:
يمكنك تحسين لغاتك التي تترجم منها وإليها. فهناك دائما مجال لتطوير مستوى لغتك لأنك لن تصل إلى مستوى تكون فيه عارفا بكل الكلمات والمصطلحات في اللغة وكل العبارات الاصطلاحية. كما سيدفعك الاختلاف الثقافي بين لغتين إلى اكتشاف مقابلات جديدة. وإذا كنت متخصصا في مجال علمي، فإنك قد تصادف مصطلحات جديدة ستحتّم عليك البحث عن معانيها ومقابلاتها. وهو ما يتيح لك توسيع نطاق معارفك.
4) توفر تخصصات مختلفة يمكنك الاختيار منها:
إذا كنت شغوفا بالمجال التقني مثلا، يمكنك أن تختار ترجمة النصوص التقنية والتخصص فيها. وهو ما سيمنعك من ترجمة نصوص في مجالات تجدها رتيبة ولا تجذب اهتمامك، مع الأخذ بعين الاعتبار مردودها المادي. وتتعدد التخصصات ما بين الترجمة في المجال الطبي أو القانوني أو الأدبي أو المالي أو التقني. كما أن التخصص في مجال معين يزيد من إنتاجية المترجم مع مرور الوقت وإلمامه الواسع بذلك المجال.
5) تعدد الخيارات ما بين العمل مترجما موظفا بدوام كامل أو مترجما مستقلا:
يمكن أن يعمل المترجم لحسابه الخاص ويبني شبكة من العملاء الذين يزودونه بمهمات ونصوص مختلفة. وقد يختار أن يعمل موظفا بدوام كامل حيث يترجم وثائق خاصة بجهة واحدة، أي المؤسسة التي يعمل فيها. وحينها، يصبح مع مرور الوقت أكثر إلماما بغاياتها وأسلوبها المُعتمَدالذي ينعكس في ترجماته.
اقرأ أيضا: مهام المترجم: 7 خدمات لغوية أخرى يقدمها المترجم
6) مرونة في ساعات العمل:
بالنسبة للمترجم المستقل، عندما يعمل مع عملاء من بلدان ذات توقيت زمني مختلف، يكون المهم في عمله معهم هو إنجاز العمل وإرساله في الوقت المحدد دون الالتزام بالعمل خلال ساعات محددة. ولا يمنعك شيء من العمل من المنزل في الوقت الذي يناسبك ما دمت تملك الأدوات اللازمة للعمل، أي الحاسوب وشبكة الإنترنت.
7) العمل في بلدان أخرى:
بما أن عملك في مجال الترجمة يقتضي إتقانك لغتين على الأقل، فإنك قد تجد فرصة عمل بصفتك مترجما في البلد الذي تحلم بزيارته. وينشر العديد من الشركات في بلدان أجنبية عروض عمل لمترجمين يتقنون اللغة العربية للعمل داخل مؤسساتها. فعلى سبيل المثال، نشرت شركة أمازون عرض عمل لمنصب مترجم اللغة العربية للعمل داخل مقرها في إسبانيا. وهي فرصة لمن يرغب في العيش في هذا البلد الأوروبي.
وتتيح بعض المنظمات للمترجم المستقل فرصة العمل لمدة محددة بموجب عقد مؤقت. وهي فرصة للتعرف على أشخاص آخرين من ثقافات مختلفة واكتساب خبرة جديدة وزيارة أماكن للمرة الأولى وممارسة لغتك الأجنبية مع المتحدثين الأصليين.
8) نسج علاقات جديدة
عندما تتقن عملك وتقدم ترجمات ترضي عملاءك، فهذا يعني أنك قد تقيم معهم علاقات مهنية قوية وطويلة الأمد. وإذا كنت مترجما مستقلا، فإنك ستتعرف على عملاء من خلفيات مختلفة وفي مجالات متنوعة مثل المنظمات الدولية أو شركات التسويق أو مؤلفي الكتب. وهو ما سيفتح أمامك عوالم جديدة من خلال أعمالهم لم تكن لتتعرف عليها في أي وظيفة داخل مؤسسة ترتكز ترجماتك عليها.
9) استحضار حسّك الإبداعي
الترجمة ليست مجرد إعادة كتابة أفكار شخص أو جهة ما بلغة أخرى. فقد تحتاج إلى إعادة الصياغة وكتابة المعنى الأصلي بطريقة مختلفة حتى تتمكن من إيصال المعنى بصورة أوضح دون الإخلال بالمعنى. وهنا تأتي فرصتك لإظهار حسك الإبداعي.
10) وجود فرص للتطور المهني
كلما زادت خبرتك في مجال الترجمة، زادت ثقة العملاء في مهاراتك. وهو ما يعني حصولك على مشاريع أكثر ومقابل مادي أكبر. ويمكن أن تؤهلك خبرتك التي راكمتها إلى طلب تقييمك لعمل موظفين أو مستقلين جدد أو استشارتك في مسألة لغوية ما قبل اتخاذ قرار ما.
وأما المترجم المستقل الذي يتكلف بمختلف المهام المرتبطة بعمله من تسويق وفوترة وتواصل، فإنه يجد نفسه يتعلم مهارات جديدة تتخطى الترجمة بحكم طبيعة عمله المستقل. وهو ما يفيده أيضا للتمكن من مواكبة مستجدات السوق.
وفي الختام، تدفع مميزات وظيفة المترجمة العشر المذكورة الكثيرين إلى اختيارها مهنةً لهم. فمهنة الترجمة تساعد صاحبها على التعلم من خلال المشاريع المختلفة، وتطوير لغاته عند استخدامها في الترجمة، وتفتح له آفاقا أخرى مثل السفر إلى بلدان أخرى لخوض تجارب جديدة.
اقرأ أيضا: لمحة عن وظيفة المترجم: مؤهلاته ومهامه ومهاراته
المصدر: