قد يكون أكثر الناس تقديرا للمترجم وفهما لعمله وإدراكا لأهميته أولئك الذين احتاجوا إلى خدمته واستعانوا بها لتحقيق إحدى غاياتهم. وينعكس ذلك في أقوال هؤلاء الناس عن الترجمة والمترجمين. وهو ما لا يَفترض بالضرورة تقديره ماديا، وهذا موضوع آخر. ولذلك فإنني أستثني هنا المحتالين ممن يحتاجون خدمة المترجم ولكنهم يتنصلون من أداء مستحقاته.
أولا- تساؤلات عن عمل المترجم
وقد طرح عليّ من قبلُ أشخاصٌ متعلّمون منهم أستاذ رياضيات ومدير مصلحة خلال دردشتنا أسئلةً عن طبيعة عمل المترجم. وتساءلوا عن جملة أمور منها: ألا تقتصر مهمة المترجم على ترجمة الوثائق القانونية المطلوبة في المحاكم؟ لماذا تُترجمون ما دام الناس المستهدفون اليوم بالترجمة قادرين على قراءة العمل الأصلي بلغته الأجنبية؟ لماذا تدرسون الترجمة أكاديميا في حين يمكن لأي أحد أن يترجم بمجرد إجادته لغتين أو أكثر؟
ويمكن تخصيص مقالٍ مستقل لكل سؤال من تلك الأسئلة. ولكن رأي بعض المؤلفين والمفكرين في عمل المترجم يقدم مبدئيا تقييما عمليا لدقة عمل المترجم ومدى أهميته وأثره الفعلي بناء على تجاربهم الشخصية. وينبني رأيهم على مواقف واقعية بعيدة عن التنظير. وأفترض أن هؤلاء المثقفين عايشوا جميع مراحل الترجمة قبل أن يخرج المنتج النهائي إلى الوجود. وشهدوا بعض المصاعب أو الإشكاليات التي واجهها المترجم من خلال تواصله مع الكاتب لمناقشتها. وهذا الأمر يقرّبهم من المهنة ومتاعبها ويضعهم في الصورة على نحو أفضل. إضافةً إلى ذلك، فإن بعض هؤلاء المؤلفين يدركون طبيعة عمل الترجمة لأنهم كانوا يمارسونها إلى جانب عملهم الأصلي.
اقرأ أيضا: هل سمعت عن هذه الصور النمطية بشأن المترجمين والترجمة؟
ثانيا- مواصفات المترجم في أقوال غير المترجمين
وفي المقابل، عندما يكون الزبون جاهلا بحيثيات الترجمة وما تتطلبه من جهد وما تقطعه من مراحل، قد يعاني المترجم الأمرّين لشرح سبب طلبه الوقت الكافي لإتمام العمل وتبرير قيمة عمله المادية وغيرها من التفاصيل. وتحمل أقوال غير المترجمين مصداقية أكبر لأن المترجم قد يُعتبر متحاملا على نفسه وحرفته. وتُؤخذ منها اقتباسات عن الترجمة لإبراز مواصفات المترجم وأهمية دوره.
ولذلك، أورد فيما يلي مقولات عن الترجمة وأهميتها في التواصل والانتشار والاطلاع على العالم، ومواصفات المترجم من دقة الملاحظة والاهتمام بالتفاصيل ومهارته في الكتابة. وآمل أن تعطي هذه الأقوال فكرة لغير المتخصص عن هذا العمل:
ثالثا- 16 مقولة عن الترجمة والمترجم
“لولا الترجمة، كنا سنعيش في مناطق يحاذيها الصمت” (جورج ستاينر، فيلسوف ومفكر وناقد أدبي أمريكي)
“المترجم هو أكثر قارئ ملاحظ” (أغاتا توسزينسكا، مؤلفة وشاعرة بولندية)
“لولا الترجمة لبقيت مقيدا في حدود بلدي. فالمترجم هو حليفي الأهم، لأنه يقدمني إلى العالم” (إيتالو كالفينو، صحافي وروائي إيطالي)
“الترجمة رحلة بحرية من ضفة إلى أخرى” (عمارة لخوص، مؤلف جزائري)
“الترجمة هي ما يحوّل كل شيء لكي لا يتغير شيء” (غونتر غراس، أديب ألماني)
“قد تكون حقبةُ ازدهار الأدب دائما حقبةَ ازدهار الترجمات” (عزرا باوند، شاعر وناقد أمريكي)
“الترجمةُ كتابةٌ” (مارجريت يورسنار، كاتبة وناقدة أدبية فرنسية)
“الترجمة المُرضية ليست دائما ممكنة، ولكن المترجم الجيد لا يكون أبدا راضيا عنها. ويمكن في الغالب تحسينها” (بيتر نيومارك، أستاذ الترجمة وأحد أشهر المنظرين في علم الترجمة)
“القارئ المثالي مترجمٌ، إذ يمكنه أن يفتت النص إلى قطع، ويزيل جلده، ويتعمق فيه حتى النخاع، ويتبع مسار كل شريان وعرق، ومن ثم يشكل كائنا حيا جديدا” (ألبرتو مانغويل، روائي وكاتب مقالات أرجنتيني المولد كندي الجنسية)
“المترجم كاتبٌ متميز يملك فرصة أن يعيد كتابة الروائع بلغته” (خافيير مارياس، روائي وكاتب مقالات إسباني)
“يُفضَّل أن تقرأ عملا عظيما في ثقافة أخرى في صيغته المترجمة على ألا تقرأه أبدا” (هنري غراطون دويل، عميد سابق في جامعة جورج واشنطن)
“أستمتع بالترجمة، إنها كأنْ يفتح شخص ما فمه لتسمع صوت شخص آخر يصدر منه” (آيريس مردوك، كاتبة وفيلسوفة أيرلندية)
“الترجمة حل وسط بين الحرفية والاصطلاحية” (بنيمين جوويت، أكاديمي بريطاني ومترجم)
“العمل الأصلي خائن للترجمة” (خورخي لويس بورخيس، كاتب أرجنتيني)
“لا يمكن أن تكون ثمة ترجمة نهائية مطلقة” (روبيرت غرانت، أكاديمي أمريكي)
“تبدو لي الترجمة مجرد محاولة للقيام بمهمة مستحيلة” (فيلهلم فون همبولت، دبلوماسي وفيلسوف ألماني)
اقرأ أيضا: أقوال عن الترجمة
كلام عن الترجمة لمؤلفين فرنسيين