يحتاج المترجم إلى فهم مصطلحات النص الأصلي وكلماته للإحاطة بأفكاره قبل بدء عملية الترجمة. وقد يجد المترجم صعوبةً في إيجاد المقابل المناسب. وبالتالي، تصعب ترجمة المصطلح رغم بحثه في المعاجم.
وهنا ينبغي التذكُّر بأن المترجم لا يترجم الكلمات وإنما مقصد المؤلف من الكلمة في نصه، لأن الكلمة قد تحمل أكثر من معنى حسب مجال النص وسياقه. فكيف نبحث عن ترجمة المصطلح والمقابِلات في الترجمة؟
مراحل ترجمة المصطلح
أولا – قراءة النص
يُنصح في البداية بقراءة النص كاملا دون الحاجة إلى التوقف عند كل كلمة مبهمة والبحث عن معناها. فهذه القراءة ستساعد على فهم فكرة النص الأساسية. وتوجد أيضا كلمات أخرى في نفس النص سترشد المترجم إلى فهم معنى الكلمة الغامضة دون الاستعانة في هذه المرحلة بالمعجم. فعلى سبيل المثال، إذا كان عنوان النص يحتوي على كلمة غير مفهومة، فإن قراءة النص قد تسمح بتوضيح معناها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه القراءة الأولية ستُمكّن من تحديد نوع المعجم الذي سيستعمله المترجم بعد تعرفه على نوع النص خلال القراءة. فإذا كان النص متخصصا، سيستعين المترجم بمعجم متخصص.
ثانيا – الاستعانة بمعجم أحادي اللغة بهدف الفهم قبل ترجمة المصطلح
إذا تعذر على المترجم استيعاب معنى كلماتٍ أو مصطلحات بعد قراءة النص أو شك في معلوماته اللغوية، فإنه يستعين بمعجم أحادي اللغة في لغة النص الأصلي. ويحدد التعريفُ في هذا المعجم العام أو المتخصص المعنى المقصودَ في النص حسب سياق ورود الكلمة/المصطلح. وقد لا يحتاج المترجم هنا إلى الاستعانة بمعجم ثنائي اللغة إذا اتّضح له المعنى بعد قراءة التعريف.
وبما أن المعجم العام يقترح علينا أكثر من تعريف -على خلاف المعجم المتخصص-، فإن سياق النص يحدد التعريف الملائم والمقصود. وهنا لا بد من التمييز طبعا بين المصطلح والكلمة. فالمصطلح يحمل معنى واحدا ويقابله مقابل واحد في المجال المتخصص الواحد، بينما تحمل الكلمة أكثر من معنى حسب سياق استعمالها. وبالتالي، إذا تغير مجال النص المتخصص، تغير مفهوم المصطلح ومعناه. فعلى سبيل المثال، يعني مصطلح “قلب” في المجال الطبي أحد أعضاء الجسم. أما كلمة “قلب” قد تعني نفس العضو العضلي أو القسوة (بلا قلب) أو الجبن (ضعيف القلب) أو لاعب الهجوم (قلب الهجوم).
وتجدر الإشارة إلى أنه في النص المتخصص الواحد، قد يحتاج المترجم إلى الاستعانة بالمعجم العام والمتخصص معا من أجل البحث عن معاني الكلمات والعبارات الاصطلاحية -مثلا- وكذا المصطلحات المرتبطة بالمجال المتخصص.
ثالثا – البحث في المواقع المتخصصة
بالنسبة للنص المتخصص، قد يحتاج المترجم إلى البحث عن معنى المصطلح في المواقع المتخصصة في مجال النص، وذلك في حال لم تُوفر المعاجم المتخصصة المتاحة تعريفا للمصطلح. وفي هذا الصدد، توفر بعض الجامعات ومؤسسات البحث معاجم في مجال تخصصها مثل معجم النباتات لجامعة كورنيل، والمعجم المالي إنفستوبيديا.
وتوجد مقالات متخصصة (اقتصادية أو سياسية أو قانونية أو مالية…) منشورة في مواقع إلكترونية تتطرق إلى شرح المفاهيم والمصطلحات. ويساعد بحث سريع في موقع غوغل في الوصول إلى مثل تلك المواقع والمقالات. وللبحث عن التعريف في عدة مواقع، يمكن كتابة كلمة “تعريف” بلغة النص الأصلي متبوعة بالمصطلح المراد ترجمته للحصول على تعريفِه وأحيانا ترجمتِه في حال وروده في موقع مُترجم إلى أكثر من لغة.
رابعا – استعمال معجم ثنائي اللغة من أجل ترجمة المصطلح
بعد أن يفهم المترجم معنى الكلمة أو المصطلح فهما كاملا في اللغة الأصل، فإنه يبحث عن المقابل المقترح في معاجم ثنائية اللغة في حال لم يكن على دراية بترجمته بناء على مطالعاته وترجماته السابقة. وتوجد أيضا بعض المؤسسات التي توفر من خلال مواقعها الإلكترونية قائمة بيانات مصطلحية في مجالات تخصصها مثل منظمة الأمم المتحدة ومكتب تنسيق التعريب التابع للمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة. ويوفر هذا المكتب بنكا للمصطلحات الموحدة في مجالات مختلفة مثل الرياضيات والفلك وعلم الأحياء والفلسفة وغيرها.
وبدل البحث في معجم بعينه، قد يرغب المترجم في الاطلاع على ترجمات معاجم مختلفة في بحث واحد. ولهذا الغرض، يكتب المترجم كلمة “ترجمة” باللغة التي يريد أن يترجم إليها متبوعة بالمصطلح في اللغة الأصل. وتكون النتيجة اقتراحات من معاجم مختلفة ومواقع تقترح المصطلح في اللغتين في سياق نصوص أو جمل.
اقرأ أيضا: مواقع الترجمة السياقية
خامسا – البحث في منتديات الترجمة
إذا لم يجد المترجم ضالته في المصادر السابقة، يمكنه أن يبحث عن ترجمة المصطلح في المنتديات الخاصة بالمصطلحات. وقد يكون النقاش عن ترجمة نفس المصطلح في هذه المنتديات قد طُرح من قبل بين المترجمين. وفي هذه الحالة، يبحث المترجم عن ترجمة مصطلحه في المواضيع المطروحة سابقا مثل منتدى موقع بروز أو وورد ريفيرنس. وإذا لم يجد اقتراحا بشأن مصطلحه، يطرح هو نفسه سؤاله عن المصطلح وينتظر اقتراحات زملائه المترجمين.
وتذكر دائما أنك لا تنقل الكلمات أو المصطلحات من لغة إلى أخرى، وإنما تنقل معانيها في سياقها الأصلي ومقصد المؤلف منها.